ومن ذلك قراءة الحسن :"فَتَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً"١، بالتاء.
قال أبو الفتح : الفاعل المضمر الساعة، أي فتأتيهم الساعة "بغتة"، فأضمرها لدلالة العذاب الواقع فيها عليها، ولكثرة ما تردد في القرآن من ذكر إتيانها.
ومن ذلك قراءة أيضا :"وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطُونُ"٢.
قال أبو الفتح : هذا مما يعرض مثله الفصيح، لتداخل الجمعين عليه، وتشابههما عنده، ونحو منه قولهم : مَسِيل، فيمن أخذه من السيل، وعليه المعنى. ثم قالوا فيه : مُسْلان وأَمْسِلَة. ومَعِينٌ، وأقوى المعنى فيه أن يكون من العيون، ثم قالوا : سالت مُعْنَانُهُ٣.
فإن قلت٤ : فقد حكى يعقوب وغيره في واحده : مَسَل ومَسْل، وقيل : يشبه أن يكون ذلك لقولهم : مُسْلان. فلما سمعوا مُسْلانًا جاءوا بواحده على فَعْل، كبَطْن وبُطْنان، وظَهْر وظُهْرَان. وعلى فَعَل، كحَمَل وحُمْلان، وأَخ وأُخْوَان، فيمن ضم. كما قال أبو بكر : إن من قال ضَفَنَ يَضْفِن فإنما حمله على ذلك الشبهةُ عليهم في قولهم : ضَيْفَن، إذ كان ضَيْفَن ظاهر لفظه بأن يكون فَيْعَلا لا فَعْلَنًا، وعلى كل حال فـ"الشياطون" غلط. لكن يشبهه، كما أن من همز مصائب كذلك عنهم.

١ سورة الشعراء : ٢٠٢.
٢ سورة الشعراء : ٢١٠.
٣ انظر الصفحة ٦٩ من هذا الجزء.
٤ سقطت "قلت" في ك.


الصفحة التالية
Icon