إذا انضمت ضما لازما فهمزها جائز، كأُعِدّ وأُجُوه. وكذلك أيضا١ قولهم في المرأة والكَمْأة : المرأة والكَمَاة، فقلبوا الهمزة ألفا؛ لأنهم قدروا فتحة الهمزة في الراء والميم قبلها، فصار كأنه المرأة والكَمَأة، فقيل فيه : مرَاة وكَمَاة، كما يقال في تخفيف رأس وكأس : رَاسٌ وكَاسٌ ومنه أيضا قول بعضهم في الوقف : هذا بكُرْ ومررت بِبَكِرْ، فنقلوا الضمة والكسرة إلى الساكن قبل الراء، وهو الكاف. فكأن الراء محركة بحركة الكاف [١٢١ظ] لأنها تجاورها ففي ذلك شيئان :
أحدهما : الشح على حركة الإعراب أن يستهلكها الوقف.
والآخر : الاستراحة من اجتماع٢ ساكنين، وهذا ونحوه - مما تركناه تحاميا للإطالة به - يدلك على أن حركة الحرف تحدث معه وأن الحركة إذا جاورت الساكن صارت كأنها فيه، فعليه جاء همز مُؤسَى. أنشدنا شيخنا أبو علي :
لَحَبَّ المُؤْقِدانِ إلى مُؤْسَى٣
ومن ذلك قراءة النعمان بن سالم٤ :"عَنْ جانب"٥.
وقرأ :"عَنْ جنْب"٦ الأعرج وقتادة والحسن.
قال أبو الفتح : المعنى فيهما جميعا فَبَصُرَت به مُزْوَرَّة مُخاَيِلَة، فالياءُ والفاءُ يلتقيان في هذا المعنى٦، لاجتماعهما في كونهما من الشفة. فمن ذلك قولهم : تَجَانَفَ عن الشيء أي : مال عنه، وفيه جَنَفٌ، أي : ميل. ومنه قوله :

١ سقطت في ك.
٢ في ك : التقاء.
٣ عجزه :
وجعدة إذ أضاءهما الوقود
وانظر المحتسب : ١ : ٤٧.
٤ هو النعمان بن سالم الطائفي، روى عن أوس بن أبي أوس وعبد الله بن عمر، وروى عنه سماك وداود بن أبي هند. وثقه أبو حاتم، الخلاصة : ٣٤٥.
٥ سورة القصص : ١١.
٦ يستعين بمناظرة الباء بالفاء على تفسير "عن جانب" و"عن جنب" بمزورة.


الصفحة التالية
Icon