ابن أبي إسحاق وإبو رجاء والثقفي١ وسلام وعبد الله بن أبي يزيد والكلبي٢.
وقرأ "أمَّرْنا" مشددة الميم، ابن عباس بخلاف، وأبو عثمان النهدي، وأبو العالية بخلاف، وأبو جعفر محمد بن علي - بخلاف - والحسن - بخلاف - وأبو عمرو - بخلاف - والسدي وعاصم، بخلاف.
وقرأ :"أَمِرْنا" بكسر الميم، بوزن عَمِرْنا - الحسن ويحيى بن يعمر.
قال أبو الفتح : يقال : أَمِرَ القومُ إذا كثروا، وقد أَمَرَهُم الله أي : كثَّرهم. وكان أبو علي يستحسن قول الكسائي في قول الله تعالى :﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا٣﴾ : أي كثيرا، من قول الله :﴿أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا﴾، ومن قولهم : أَمِرَ الشيءُ، إذا كثر. ومنه قولهم : خَيرُ المالِ سكة مأبُورَة، أو مُهْرَةٌ مأمُورة٤. فالسكّةُ الطريقة من النخل، ومأبورة أي : ملقحة٥، ومهرة مأمورة أي : مُكثِرةُ النسل.
وكان يجب أن يقال : مُؤْمَرَة لأنه من آمَرَها الله، لكنه أتبعها قوله : مَأبُورَة، كقولهم : إنه ليأتينا بالغَدَايا والعَشَايا. هذا على قول الجماعة إلا ابن الأعرابي وحده؛ فإنه قال : الغَدَايا جمع غَدِيّة، كما أن العشايا جمع عَشِيّة. ولم يكن يرى أن الغدايا ملحقٌ بقولهم : العَشَايا٦، وأنشد شاهدا لذلك :
ألا ليت حظيّ من زيارة أُمِّيَّهْ غَدِيّاتُ قيظ أو عشيّاتُ أَشْتِيَهْ٧
وقد قالوا أيضا : أمَرَها اللهُ مقصورا خفيفا، بوزن عَمَرَها؛ فيكون مأمُورَة على هذا من هذا، ولا تكون ملحقةً بمأبُورَة.

١ هو بشر بن إبراهيم بن حكيم بن الجهم بن عبد الرحمن أبو عمر الثقفي السمري. قرأ على قتيبة، وهو من أجل أصحابه، وروى القراءة عنه يوسف بن جعفر بن معروف النجار وغيره. طبقات القراء لابن الجزري : ١ : ١٧٦.
٢ هو محمد بن المالك بن السائب بن بشر من علماء الكوفة بالتفسير والأخبار وأيام الناس ومقدم الناس بعلم الأنساب. توفي بالكوفة سنة ١٤٦. الفهرست : ١٣٩.
٣ سورة الكهف : ٧١.
٤ حديث شريف أورده في الجامع الصغير "٣ : ٤٩١" بلفظ :"خيرُ مالِ المرء مهرةٌ مأمورةٌ، أو سكةٌ مأبورةٌ"، وقال : أخرجه أحمد والطبراني، عن سويد بن هبيرة، ورمز إليه بعلامة الصحيح.
٥ في ك : ملحقة، تحريف.
٦ ومفردها على الإلحاق غدوة.
٧ رواه اللسان "غدا"، ونقل أنه إنما أراد غديات قيظ أو عشيات أشتية، لأن غديات القيظ أطول من عشياته، وعشيات الشتاء أطول من غدياته.


الصفحة التالية
Icon