ومن ذلك قراءَة أبان بن تغلب :"ثُمُرَات"١، بضمتين.
قال أبو الفتح : الواحدة ثَمَرَة، كخَشَبَة. وثُمُر، كخُشُب. ومثله أَكَمَة وأُكُم، ثم ضمت الميم إشباعا وتمكينا، كقولهم، في بُرْد : بُرُد٢، وفي قُفْل قُفُل. ثم جمع ثُمُر على ثُمُرات جمع التأنيث؛ لأنه لمّا لم يَعقل جرى مجرى المؤنث. وذلك عندنا لِتَخَضُّع٣ ما لا عقل له، فلحق بذلك بِضَعْفَة التأنيث، فعليه قالوا : يا لثارات فلان : جمع ثأر لما لم يكن من ذوي العلم. ونحو قول أبي طالب :
أُسْدٌ تَهُدُّ بِالزَّئِيراتِ الصَّفَا
جمع زئير، والعلة واحدة. وقد ذكرنا هذا مستقصى في تفسير ديوان المتنبي عند قوله :
ففِي الناسِ بُوقَاتٌ لَهَا وَطُبُولٌ٤
ومنه ما أنشده الأصمعي من قول الراجز :
وارْدُدْ إلَى حُورَاتِ حُور شِقَّه
فجمع حُورًا على حُورات لما ذكرنا.
ومن ذلك قراءة بديل بن ميسرة :"مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَيَنُوءُ"٥، بالياء.
قال أبو الفتح : ذهب في التذكير [١٢٢ظ] إلى ذلك القدر والمبلغ، فلاحظ معنى الواحد فحمل عليه، فقال :"لَيَنُوءُ". ونحوه قول الراجز :
مِثْلَ الفِراخِ نُتفَتْ حواصلُه

١ سورة القصص : ٥٧.
٢ يحتج لتوالي الضمتين في ثمر وعدم تخفيفه بتسكين الميم كما سكنت الراء في برد على لغة تسكينها.
٣ لتخضع ما لا عقل له : يريد لتواضعه ونزول مكانته.
٤ صدره :
إذا كان بعض الناس سيفا لدولة
والبيت من قصيدة في مدح سيف الدولة : وانظر الديوان : ٢ : ٨٧.
٥ سورة القصص : ٧٦.


الصفحة التالية
Icon