وأما "وَالْبَحْرُ يُمِدُّه"، بضم الياء فتشبيه بإمداد الجيش١، يقال : مد النهر، ومده نهر آخر، وأمددت الجيش بمدد. قال الله تعالى :﴿مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ٢﴾،
قال العجاج :
ما قري مدة قري٣
فأما قول الآخر :
نظرت إليها والنجوم كأنها قناديل مرس أوقدت بمداد٤
فليس من المداد الذي يكتب به، وإنما أراد هنا ما يمدها من الدهن، كذا فسروه، وليس بقوي أن تكون قراءة جعفر بن محمد :"والبَحرُ مِدَاده"، أي : زائدة فيه؛ لأن ماء البحر لا يعتد زائدا في الشجر والأقلام؛ لأن ليس من جنسه، فالمداد هناك إنما هو هذا المكتوب به بإذن الله.
ومن ذلك قراءة موسى بن الزبير :"الْفُلُك٥"، بضم اللام.
قال أبو الفتح : حكى أبو الحسن عن عيسى بن عمران، قال : ما سمع، أو ما سمعنا : فعل إلا وقد سمعنا فيه : فعل؛ فقد يكون هذا منه أيضا، وقد ذكرناه قبل٦.
ومن ذلك :"بنِعْمَاتِ الله٥"، ساكنة العين، قرأها جماعة منهم الأعرج.

١ في ك : الجيوش.
٢ سورة الأنفال : ٩.
٣ قرى الماء : مسيلة من التلاع، وجمعه أقربه. وانظر الديوان : ٦٨.
٤ البيت للأخطل، ويروى الشطر الأول :
رأوا بارقات بالأكف كأنها
ويروى "رأت" مكان "رأوا"، و"مصابيح" مكان "قناديل"، و"سرج" مكان "مرس"، ولم نعثر على معنى مناسب لكلمة "مرس" وقد يكون محرفة. وانظر الديوان : ١٣٦، واللسان "مد".
٥ سورة لقمان : ٣١.
٦ انظر الصفحة ١٣٧ من هذا الجزء.


الصفحة التالية
Icon