ولو رضيَتْ يداي بها وضنَّتْ لكانَ علي للقدرِ الخيارُ١
ولم يقل رضيتا٢.
ومن ذلك قراءة الأعرج وأبان بن عثمان "فَيَطْمَعِ الَّذِي"٣ بكسر العين.
قال أبو الفتح : هو معطوف على قول الله تعالى :﴿فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ﴾، أي : فلا يطمعِ الذي في قلبه مرض، فكلاهما منهي عنه، إلا أن النصب أقوى معنى، وأشد إصابة للعذر؛ وذلك أنه إذا نصب كان معناه أن طمعه إنما هو مسبَّبٌ عن خضوعهن بالقول. فالأصل في ذلك منهي عنه، والمنهي مسبَّبٌ عن فعلهن، وإذا عطفه كان نهيا لهن وله، وليس فيه دليل على أن الطمع راجعٌ في الأصل إليهن، وواقع من أجلهن. وعليه بيت امرئ القيس :
فقلْتُ له صَوِّبْ ولا تُجْهِدَنَّه فيَذُرِكَ من أُخْرَى القطاة فتزلَقِ٤ [١٢٨و]
فهذا نهي بعد نهي، كالقراءة الشاذة.
ومن ذلك ما رواه عبد الوهاب٥ عن أبي عمرو :"وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ"٦، نصب.
قال أبو الفتح :"رسول الله" منصوب على اسم "لكن"، والخبر محذوف، أي : ولكن رسول الله محمد. وعليه قول الفرزدق :
٢ كذا في النسختين والصواب : ضنتا.
٣ سورة الأحزاب : ٣٢.
٤ يروى "فيدنك" مكان "فيذرك"، و "أعلى" مكان "أخرى". ويذريك : يصرعك، من أذراه، عن فرسه : إذا رمى به. وصوب : خذ القصد في السير وأرفق بالفرس فيه. والقطاة : مقعد الردف، وأخراها : آخرها. يقول الشاعر هذا لغلامه، وقد حمله على فرسه ليصيد له. والبيت في ديوان امرئ القيس : ١٧٤، وهو في الكتاب "١ : ٤٥٢" منسوب إلى عمرو بن عمار الطائي. وفي ك : فيدراك، وهو تحريف.
٥ هو عبد الوهاب بن عطاء بن مسلم أبو نصر الخفاف العجلي البصري ثم البغدادي، ثقة مشهور. روى القراءة عن أبي عمرو وغيره، وروى عنه الحروف أحمد بن جبير وآخرون مات ببغداد سنة ٢٠٤ وقيل غير ذلك. طبقات القراء ابن الجزري : ١ : ٤٧٩.
٦ سورة الأحزاب : ٤٠.