فالزيزاء على فعلاء، وهي هذه الغليظة المنقادة من الأرض، فكأن هذه الأرض سارت بهم الفجاج؛ لأنهم ساروا عليها. وقد يمكن أن يكون "زيزاؤه" مصدر من زَوْزَيْتُ، فيكون الفعل منسوبا إلى المصدر، كقولهم : سار بنا السيرُ، وقام بهم القيامُ. فهو على قولك : سيرٌ سائرٌ، وقيامٌ قائمٌ. ومنه : شعرٌ شاعرٌ، وموتٌ مائتٌ، وويلٌ وائلٌ. والزيزاء على هذا فِعلال، كالزلزال، والقلقال.
وأما قول رؤبة :
هيهاتَ من منخرقٍ هيهاؤه١
فهو فعلال من لفظ. هيهات، كالزلزال، والقلقال، وليس مصدرا صريحا. وهيهات من مضاعف الياء، ومن باب الصِّيصِية٢ وقد تقدم القول عليه٣.
ومن ذلك قراءة ابن مسعود :"وَكَانَ عَبْدًا لِلَّهِ وَجِيهًا"٤.
قال أبو الفتح : قراءة الكافة أقوى معنى من هذه القراءة، وذلك أن هذه إنما يُفْهَم منها أنه عبدٌ لله ولا تُفْهَم منها وجاهته عند من هي؟ أعندَ الله، أم عندَ الناس؟ وأما قراءة الجماعة فإنها تفيد كون وجاهته عند الله، وهذا أشرف [١٢٩و] من القول الأول؛ لإسناد وجاهته إلى الله تعالى، وحسبه هذا شرفا.
٢ من معاني الصيصية : الحصن، وشوكة الحائك يسوي بها السدي واللحمة.
٣ انظر الصفحة ٩١ وما بعدها من هذا الجزء.
٤ سورة الأحزاب : ٦٩.