وقال أبو حاتم في حرف عبد الله :"إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ أكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ
"، وفي حرف أبي"منَسَيَتَه" - قال وهي تدل على الهمز؛ لأن الهمزة قد تحذف من الخط. [١٢٩ظ] فقول ابن مسعود :"أكلتْ" هو تفسير الدلالة، أي ما دلهم على موته إلا دابة الأرض ثم فسر وجه الدلالة، فقال :"أكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ"، أي : فخرّ، فتبينتِ الجنّ.
ومن ذلك قراءة ابن عباس والضحاك وأبي عبد الله وعلي بن حسين :"تَبَيَّنَتِ الإنْسُ"١.
قال أبو الفتح : أي : تبينت الإنس أن الجن لو علموا بذلك ما لبثوا في العذاب. يدل على صحة هذا التأويل ما رواه معبد عن قتادة، قال : في مصحف عبد الله "تَبَيَّنَتِ الإنْسُ أن الجن لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا".
ومن ذلك قراءة ابن جندب :"وَهَلْ يُجْزَى إِلَّا الْكَفُور"٢.
قال أبو الفتح : حدثنا أبو بكر محمد بن علي المراغي، ورُوِّيناه أيضا عن شيخنا أبي عليٍّ، قال : كان أبو إسحاق يقول : جزيت الرجل في الخير، وجازيته في الشر. واستدل على ذلك بقراءة العامة :﴿وَهَلْ يُجَازَى٣ إِلَّا الْكَفُور﴾، وقرأت على أبي عليّ عن أبي زيد :
لَعَمْرِي لَقَد برَّ الضبابَ بَنُوه وَبَعضُ البَنِينَ حُمَّةٌ وسُعَالُ
جَزَوْنِي بما رَبَّيْتُهُمْ وَحَمَلْتُهُمْ كذلِكَ ما إنَّ الخُطُوبَ دَوَالُ٤
وينبغي أن يكون أبو إسحاق يريد أنك إذا أرسلتهما ولم تعدهما إلى المفعول الثاني كانا كذلك، فإذا ذكرته اشتركا. ألا ترى إلى قوله :
٢ سورة سبأ : ١٧.
٣ يجازي بالبناء للمفعول قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وأبي بكر وأبي جعفر، وقراءة الباقين بالنون وكسر الزاي، كما في الاتحاف : ٢٢٠، ٢٢١.
٤ الضباب بن سبيع بن عوف الحنظلي. و"بنوه" في البيت الأول مضبوطة بالقلم بفتح الباء وسكون الواو في نسخة الأصل، وفي النوادر : ١١٥ وإذا تكون عروض البيت قد دخلها الحذف شذوذا. والحمة : الحمى.