قال أبو الفتح : أما "خَطَاءً" فاسم بمعنى المصدر، والمصدر من أخطأت : إخْطاءً، والخطاءُ من أخطأْت كالعطاء من أعطيْتُ. ويقال : خطِيَ يخطأ خِطْئًا وخَطَأً، هذا في الدين، وأخطأت الغرض ونحوه. وقد يتداخلان فيقال : أخطأتُ في الدينِ، وخَطِئْتُ في الرأي ونحوه. قال :
ذرِيني إنما خطئي وصَوْبِي علي وإن ما أهلكتُ مال١
وقال عبيد :
والناس يلحوْنَ الأميرَ إذا همُ خطِئُوا الصوابَ ولا يُلام المرشد٢
وقال في الدين أمية :
عبادك يخَطَئُون وأنتَ ربٌّ بكفَيْكَ المنايا والحُتُوم٣
وأما "خَطًا" و"خِطًا" فتخفيف خَطْئًا وخِطْئًا على القياس.
ومن ذلك قراءة أبي مسلم٤ صاحب الدولة :"فَلا يُسْرِفُ فِي الْقَتْلِ"٥.
قال أبو الفتح : رفع هذا على لفظ الخبر بمعنى الأمر، كقولهم : يرحمُ الله زيدًا، فهذا لفظ الخبر، ومعناه الدعاء. أي : ليرحَمْهُ اللهُ، ومثله قوله :﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ٦﴾، أي : ليتربصْنَ. وإن شئت٧ كان معناه دون الأمر، أي ينبغي ألا يسرفَ، وينبغي أن يتربصْنَ. وعليه قولُه :
٢ وراه اللسان "أمر"، ولم ينسبه.
٣ روى الشطر الثاني :
كريم لا تليق بك الذموم
والحتوم : جمع حتم، وهو القضاء وإيجابه وأحكام الأمر. وفي الأصل "الجثوم"، وهو مصدر جثم، بمعنى لزم مكانه، فلم يبرح كأنما يريد به أقبار الموتى. وانظر اللسان "خطأ".
٤ هو عبد الرحمن بن مسلم الخراساني القائم بالدعوة العباسية، وقيل : هو إبراهيم بن عثمان بن يسار بن سدوس بن جوردن من ولد بزر جمهر بن البختجان الفارسي. قال المأمون وقد ذكر عنده أبو مسلم :"أجل ملوك الأرض ثلاثة، وهم الذين قاموا بثقل الدولة : الإسكندر وأردشير وأبو مسلم الخراساني" ولد سنة ١٠٠ للهجرة، ولما ظهر بخراسان كان ظهوره بمروٍ لخمس بقين من رمضان سنة ١٢٩، والوالي بخراسان يومئذ نصر بن سيار الليثي. قتله أبو جعفر المنصور سنة ١٣٧. وفيات الأعيان : ٢ : ٣٢٤ وما بعدها.
٥ سورة الإسراء : ٣٣.
٦ سورة البقرة : ٢٢٨.
٧ في ك : وإن كان معناه.