وقال الأعشى :
كأنَّ قُطُوعَها بِعُنَيْبِسَاتٍ تَعَطَّفَهن ذُو جُدَدٍ فَرِيدُ١
وأما "جُدُدٌ" فجمع جَدِيد، أي : آثار جُدُد غير مُخْلِقَة؛ فهو أصح لها، وأوضح للونها. وأما "جَدَد" فلم يثبته أبو حاتم ولا قطرب. وعلى أن له معنى، وهي الطريق الواضح المسفر فالمعنى نحو من الأول. وقد يجوز في "جُدُد" - وهي جديد - الفتح؛ هربا من التضعيف إلى الفتح. وكذلك جميع ما كان مثله من المضاعف : كسَرِير وسُرُر سُرَر، وجَرِير وجُرُر وجُرَر، وتَلِيل وتُلُل٢ وتُلَل، وبِئْر جَرُور وجُرُر وجُرَر وجَرَائِر أيضا. قال :
كانتْ مِيَاهِي نُزُعًا قَوَاصِرَا وَلَمْ أَكُنْ أُمَارِسُ الْجَرَائِرَا٣
وعلى كل حال فللقُرّاء الرواية، وإذا عَضَدها قياس فحسبك به من إينَاس.
ومن ذلك قراءة الزهري أيضا :"والدَّوَابِ"، خفيفة.
قال أبو الفتح : قد ذكرنا ذلك مشروحا فيما مضى بشواهده٤.
ومن ذلك قراءة علي عليه السلام :"فِيهَا لَغُوبٌ"٥، بفتح اللام. وهي قراءة السُّلَمي.
قال أبو الفتح : لك فيه وجهان :
إن شئت حملته على ما جاء من المصادر على الفَعُول، نحو : الوَضُوء، والوَلُوغ، والوَقُود.

١ يروى "قتودها" مكان "قطوعها". والقطوع : جمع قِطع بالكسر، وهي الطنفسة تكون على كتفي البعير. أما القتود : فخشب الرحل وعيدانه، جمع قتد. وعنيبسات : موضع، وفي الأصل : بعنيفسات، وهو تحريف، تعطفهن : تعطف بها، أي لبسها، والضمير للقطوع. وفي الأصل يقطعهن، وهو تحريف. والجدد : جمع جدة، بالضم، وهي الخطة في ظهر الثور أو الحمار تخالف لونه. يشبه ناقته بالحمار الوحشي، فيقول كأن قطوعها ليست على ناقة بل حمار وحشي، وانظر الديوان : ٣٢٥، ومعجم البلدان.
٢ الجرير : الزمام، والتليل : العنق.
٣ النزع : جمع النزوع، وهي البئر التي ينزع منها باليد. والقواصر : جمع قاصر، والماء القاصر : الذي يكون مرعاه قريبا. والجرائر : جمع الجرور، وبئر جرور : يستقى منها على بعير. وانظر اللسان "قصر".
٤ في ك : فيما مضى مشروحا. وانظر الصفحة ٧٦ من هذا الجزء.
٥ سورة فاطر : ٣٥.


الصفحة التالية
Icon