محمول على معناه، أي : ما قام أحد إلا هند. فلما كان هذا هو المراد المعتمد - ذكر [١٣٤و] لفظ الفعل، إرادة له، وإيذانا به. ثم إنه لما كان محصول الكلام : قد كانت صيحة واحدة جيء بالتأنيث؛ إخلادًا إليه، وحملا لظاهر اللفظ عليه. ومثله قراءة الحسن :"فَأَصْبَحُوا لا تُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ"١ بالتاء في "ترى". وعليه قول ذو الرمة.
بَرَى النَّحْزُ والْأَجْرال ما في غُرُوضِها فما بقيتْ إلا الصدُورُ الجراشع٢
وأقوى الإعرابين : فما بقي إلا الصدور؛ لأن المراد ما بقي شيء منها إلا الصدور، على ما مضى.
وأما "زَقْيَةً" فيقال : زَقَا الطائر يَزْقُو ويَزِقِي زُقُوًّا وزُقِيًّا وزُقاء : إذا صاح، وهي الزَّقْوة والزَّقْية.
وأما أبو حاتم فصرّف الفعل على الواو، فلم ير للياء فيه تصريفا، وقال : أصلها "زقوة"، إلا أن الواو أبدلت للتخفيف ياء، وشبهه بقولهم : أرض مَسْنِيَّةٌ٣، وإنما هو مَسْنُوَّةٌ، وقوله :
أنا الليْثُ مَعْدِيًّا عليَّ وعادِيًا٤
أي : مَعْدُوًّا عليه، وأثبت أبو العباس أحمد بن يحيى الياء في "زَقْية" أصلا، وأنشدوا قوله :
وتَرَى المُكَّاء فِيهِ ساقِطا لَثِق الرِّيشِ إذَا زَفَّ زفى٥

١ سورة الأحقاف : ٢٥.
٢ روي "طوى" مكان "برى" و"الأجراز" مكان "الأجرال"، وقد نبه على هذا في هامش نسخة الأصل. والنحز : الركل بالعقب. والأجرال : جمع جرل - بالتحريك - وهو المكان الصلب الغليظ. والأجراز : جمع جرز، وهي الأرض التي لا تنبت. والغروض جمع غَرْض - كسهم - وهو للرحل كالحزام للسرج. والجراشع : جمع جرشع، وهو الغليظ. وانظر الديوان : ٣٤١.
٣ مسنية : تسقيها السانية.
٤ صدره :
وقد علمت عرسي مليكة أنني
والبيت من قصيدة عبد يغوث الحارثي الجاهلي التي قالها لما أسرته تيم الرباب. ويروى "عليه" مكان "على". وانظر ذيل الأمالي : ١٣٣، وشواهد الشافية : ٤٠٠، ٤٠١.
٥ المكاء : طائر. ولثق الريش : مبتله. وزفى الطائر زفا وزفيفا : رمى بنفسه، أو بسط جناحيه.


الصفحة التالية
Icon