وقرأ عيسى الثقفي :"سَلامًا قَوْلًا" نصبا جميعا.
قال أبو الفتح : أما الرفع فعلى أوجه :
أحدها أن يكون مقطوعا مستأنفا، كأنه لما قال :﴿وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ﴾ قال :"سِلْمٌ" [١٣٦و] أي : ذاك "سِلْمٌ"، أي : ثابت لا نزاع فيه ولا ضيم ولا اعتراض، بل هو سِلْمٌ لهم.
ووجه ثان : أن يكون على : ما يدعون سِلْمٌ لهم، أي : مسلَّمٌ لهم، فـ"لهم" على هذا متعلق بنفس "سِلْمٌ"، وليس بمصدر، بل هو بمعنى اسم الفاعل أو المفعول، وإنما على مُسَالِم لهم، أو على مسلَّم لهم. ولم يجز بمعنى المصدر؛ لأنه كان يكون في صلته، ومحال تقدم الصلة أو شيء منها على الموصول.
ووجه ثالث، وهو أن يكون :"لهم" خبرا عن :"ما يدعّون" و"سِلْم" بدل منه.
٢ووجه رابع، وهو أن يكون "لهم" خبرا عن "ما يدعّون" و"سِلْمٌ" خبر آخر، كقولنا : زيد جالس متحدث، كما جاز أن يكون بدلا من "لهم" فكذلك يجوز أن يكون خبرا معه آخر.
فإن قلت : فإذا كان لهم سلم لا حرب لهم فما فيه من الفائدة؟ قيل : قد يكون الشيء لك لكن على خلاج١ وبعد شواجر الخلاف، وذلك كالشيء المتناهَب، فقد يحصل لأحد الفريقين، لكن على أغراض من النزاع باقية فيه، ولم يَصْفُ صفاء ما لا تعلق للمتبِع به، فمعلوم أن هذه الثوابت لأربابها لا تتساوى أحوالها في انحسار الشُّبَه والزخارف عنها.
ونَصب "قولا" على المصدر، أي : قال الله ذلك قولا أو يقال ذلك قولا. ودل على الفعل المحذوف لفظ مصدره، وأن القرآن إنما هو أقوال متابِعة. وأما "سلامًا" بالنصب فحال مما قبله، أي : ذلك لهم مسلَّما، أو مُسالِما، أي : ذا سلام وسلامة. ونصب "قولا" على المصدر كما مضى.