وقال :
جاءوا بصيد عجب من العجب أزيرق العين وطوال الذنب
ومثله : رجل كريم، وكرام، وكرام. وزادوا مبالغة فيه بإلحاق التاء، فقالوا : كرامة. والشواهد كثيرة، إلا أنه كتاب سئلنا اختصاره، لئلا يطول على كاتبه، فأوجبت الحال الإجابة إلى ذلك.
ومن ذلك قراءة أبي رجاء وقتادة :"وَلا تُشْطِط١"، بفتح التاء، وضم الطاء.
قال أبو الفتح : يقال : شط يشط، ويشط : إذا بعد، وأشط : إذا أبعد. وعليه قراءة العامة :﴿وَلا تُشْطِط﴾، أي : ولا تبعد، وهو من الشط، وهو الجانب، فمعناه أخذ الجانب الشيء وترك وسطه وأقربه، كما قيل : تجاوز، وهو من الجيزة، وهي جانب الوادي، وكما قيل : تعدى، وهو من عدوة الوادي، أي : جانبه. قال عنترة :
شطت مزار العاشقين فأصبحت عسرا على طلابك ابنة مخرم٢
أي : بعدت عن مزار العاشقين. وكما بالغ في ذكر استضراره خاطبها بذلك؛ لأنه أبلغ فعدل عن لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب، فقال :"طلابك"، فافهم ذلك، فإنه ليس الغرض فيه وفي نحوه السعة في القول، لكن تحت ذلك ونظيره أغراض من هذا النحو، فتفطن لها.
ومن ذلك قراءة الحسن - بخلاف - :"تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً٣".
قال أبو الفتح : قد كثر عنهم مجيء الفعل والفعل على المعنى الواحد، نحو البزر والبزر، والنفط والنفط، والسكر٤ والسكر، والحبر والحبر، والسبر٥ والسبر. فلا ينكر - على ذلك - "التسع" بمعنى التسع، لاسيما وهي تجاور العشرة، بفتح الفاء.
٢ يروى شطره الأول : حلت بأرض الزائرين فأصبحت.
والزائرين : الذين يزارون كالأسد. ويريد بهم أعداءه. والبيت من المعلقة. وانظر الديوان : والمعلقات السبع للزوزني : ١٢٦.
٣ سورة ص : ٢٣.
٤ السكر : سد النهر.
٥ السبر : من معانية الهيئة الحسنة.