فجمع بين "يا" والميم، وإنما الميم في آخر الاسم عوض من "يا" في أوله، إذا قلت : اللهم اغفر لنا، وعليه قول الآخر :
يا أمتا أبصرني راكب في بلد مسحنفر لاحب١
وإنما التاء في "يا أمت" بدل من الياء في يا أمي، فجمعت بينهما ثم أبدلت من الياء ألفا، فقالت :"يا أمتا". وقال أبو علي في قوله :
ضخم يحب الخلق الأضخما٢
إنه يجري مجرى الجمع بين العوض والمعوض منه، [١٤١ظ] قال : وذلك أن هذا التشديد الذي يعرض في الوقف إنما دخل إيذانا بأن آخر الحرف محرك في الوصل، إذ لا يجتمع ساكنان في الإدراج هكذا، فكان يجب إذا أطلق في الوصل أن يحذف التشديد لزوال الحاجة إليه بالإطلاق، قال : فتركه الحرف المزيد في الوقف للتثقيل مع استغنائه عنه بإطلاق الحرف - فكأنه جمع بين العوض والمعوض منه، وهذا تأول - وإن كان صحيحا - بعيد، والذي رأيناه نحن أقرب القريب.
وأما إسكان الياء في "يَا حَسْرَتَاى" في الرواية الثانية هو٣ على ما مضى من قراءة نافع :"َمَحْيَايَ وَمَمَاتِي٤". وأرى مع هذا لهذا الإسكان هنا مزية على ذلك، وذلك أنه قد كان ينبغي ألا يجمع بين الألف والياء؛ إذ كانت الألف هي الياء، إلا أنه لما صانع عن ذلك بما ذكرناه، فألحق الياء على ما في ضعفت في نفسه؛ لضعف القياس في إثباتها مع الألف، فضاءل منها وألطأ٥ بالسكون شخصها. وإذا لاطفت فكرك في تأمل ذلك وأنسته به أصحب٦ إليه، وتابعك مع إنارة الفكر عليه.
ومن ذلك قراءة ابن عباس :"وَأَشْرَقَتِ الْأَرْض٧".

١ مسحنفر : واسع. ولاحب : يريد مطروقا واضح المعالم.
٢ انظر الصفحة ١٠٢ من الجزء الأول.
٣ هكذا بلا فاء في "هو" في النسختين والأولى : فهو.
٤ سورة الأنعام : ١٦٢.
٥ في هامش نسخة الأصل : ألطأ : الصق.
٦ أصحبه : اصطحبه.
٧ سورة الزمر : ٦٩.


الصفحة التالية
Icon