﴿ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا١﴾، أي : أطفالا. وحسن لفظ الواحد هنا؛ لأ، ه موضع تصغير لشأن الإنسان، وتحقير لأمره، فلاق به ذكر الواحد لذلك، لقلته عن الجماعة، ولأن معناه أيضا تخرج كل واحد منكم طفلا، وقد ذكرنا نحو هذا٢. وهذا مما إذا سئل الناس عنه قالوا : وضع الواحد موضع الجماعة اتساعا في اللغة، وأنسوا حفظ المعنى ومقابلة اللفظ به؛ لتقوى دلالته عليه، وتنضم بالشبه إليه.
ومن ذلك قراءة ابن عباس وأبي عياض وعكرمة٣ وحنظلة بن النعمان بن مرة :"إِفْكِهِم٤"، بفتح الألف، والفاء، والكاف.
وقرأ :"وَذَلِكَ إِفْكُهُم"، بالمد، وفتح الفاء مخخفة - عبد الله بن الزبير.
وقرأ :"إِفْكُهُم"، مشددة الفاء - أبو عياض، بخلاف.
وقراءة الناس :"وَذَلِكَ إِفْكُهُم"، فذلك أربعة أوجه.
قال أبو الفتح أما "إِفْكُهُم" فصرفهم، وثناهم. قال :
إن تك عن أحسن المروءة ومأ فوكا ففي آخرين قد أفكوا٥
وهو صرف بالباطل، وأرض مأفوكة، أي : مقلوبة التراب.
وأما "إِفْكُهُم" فيجوز أن يكون أفعلهم، أي : أصارهم إلى الإفك، أو وجدهم كذلك، كما تقول : أحمدت الرجل : وجدته محمودا.
٢ انظر الصفحة ٨٧ من هذ الجزء.
٣ هو عكرمة مولى بن عباس أبو عبد الله المفسر، وردت الرواية عنه في حروف القرآن، روى عن مولاه وأبي هريرة وعبد الله بن عمر. وقد تكلم فيه لرأيه لا لروايته، فإنه أتهم بأنه كان يرى رأي الخوارج وعرض عليه علباء بن أحمد وأبو عمرو بن العلاء. وروى عنه أيوب وخالد وخلق. مات سنة ١٠٥ وقيل نحو ذلك طبقات ابن الجزري : ١ : ٥١٥.
٤ سورة الأحقاف : ٢٨.
٥ لعروة بن أذينة، وفي اللسان "أفك" : لعمرو بن أذنية، وهو تحريف. ويروى "أفضل" مكان أحسن، و "الصنيعة" و"الخليفة" مكان "المروءة". يريد أن لم توفق للأحسن فأنت في قوم قد صرفوا عنه أيضا. انظر مقاييس اللغة : ١ : ١١٨، والصحاح، والتاج، والأساس :"أفك".