ومن ذلك :﴿فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ١﴾، بالتشديد. قرأ بها السلمي.
قال أبو الفتح : معنى تدعو هنا، أي : تنسبوا إلى السلم، كقولك : فلان يدعى إلى بني فلان، أي : ينتسب إليهم، ويحمل نفسه عليهم. وإلى هذا يرجع معنى قوله :
فما برحت خيل تثوب وتدعى٢
فأما قوله :
فلا وأبيك ابنه العامري لا يدعي القوم أني أفر٣
فإنه من الدعوى المستعملة في المعاملات، المحوجة إلى البينة. وقد تمكن رجوعها أيضا إلى معنى الانتساب، أي : لا ينسبونني إلى الفرار. وما أقرب أطراف هذه اللغة على ظاهر بعدها وأشد تلاقيها مع مظنون تنافيها!
ومن ذلك ما رواه الحلواني عن أبي معمر٤ عن عبد الوارث عن أبي عمرو :"وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ٥"، مرفوعة الجيم.

١ سورة محمد : ٣٥.
٢ ليزيد بن الصعق، وصدره :
بني أسد ما تأمرون بأمركم
وانظر الأصمعيات : ١٦١
وورد في المفضليات "٣٦٥" البيت الآتي من قصيدة لعوف بن الأحوص :
وما برحت بكر تثوب وتدعي ويلحق منهم أولون وآخر
٣ لامرئ القيس، يروى "لا وأبيك". وابنة العامري : اسمها هو، وقد ذكر اسمها في هذه القصيدة. والعامري : من بني عمرو بن عامر من الأزد، اسمه سلامة بن عبد الله، وقيل غير ذلك. انظر الديوان : ١٥٤، والخزانة : ٤ : ٤٨٩.
٤ هو عبد الله بن عمرو بن الحجاج أبو معمر النقري التميمي البصرين قيم بحروف أبي عمرو. وروى القراءة عن عبد الوارث بن سعيد، وروى عنه القراءة أحمد بن علي بن هاشم البصري وغيره. وهو الذي انفرد باسكان اللام من "مَالِكِ يَوْمِ الدِّين" عن أبي عمرو. مات سنة ٢٢٤.
٥ سورة محمد : ٣٤.


الصفحة التالية
Icon