قال زهير :
مكلل بأصول النبت تنسجه ريح خريق لضاحي مائه حبك١
فأما "الحبك" فمخفف من "الحبك"، وهي لغة بني تميم، كرسل وعمد، في رسل وعمد.
وأما "الحبك" ففعل، وذلك قليل، منه : إبل، وإطل٢، وامرأة بلز٣، وبأسنانه حبر٤.
وأما "الحبك" فمخفف منه، كإبل، وإطل.
وأما "الحبك" بكسر الحاء، وضم الباء فأحسبه سهوا. وذلك أنه ليس في كلامهم فعل أصلا، بكسر الفاء، وضم العين. وهو المثال الثاني عشر من تركيب الثلاثي، فإنه ليس ف اسم ولا فعل أصلا والبتة. أو لعل الذي قرأ به تداخلت عليه القراءتان : بالكسر، والضم. فكأنه كسر الحاء يريد "الحبك"، وأدركه ضم الباء على صورة "الحبك" وقد يعرض هذا التداخل في اللفظة الواحدة، قال بلال بن جرير :
إذا جئتهم أو سآيلتهم وجدت بهم علة حاضرة٥
أراد : أو سألتهم، أو ساءلتهم، أو لغة من قال : سايلتهم، فأبدلت، فتداخلت الثلاث عليه فخلط، فقال : سآيلتهم، فوزنها إذا فعاعلتهم؛ لأن الياء في سايلتهم بدل من الهمزة في ساءلتهم. فجمع بين اللغتين في موضعين على تلفته إلى اللغتين. كذلك أيضا نظر في "الحبك" إلى "الحبك"، و"الحبك"، فجمع بين أول اللفظة على هذه القراءة، وبين آخرها على القراءة الأخرى٦.
٢ الأطل : الخاصرة.
٣ امرأة بلز : ضخمة.
٤ الحبر : صفرة تشوب الأسنان.
٥ انظر الصفحة ١٧٥ من الجزء الأول.
٦ يأخذ الرضى على أبي الفتح في شرح الشافية "١ : ٣٩" أن الحبك - بضمتين - جمع الحباك - وهو الطريقة في الرمل ونحوه، والحبك - بكسرتين - مفرد، وأنه يبعد تركيب اسم من مفرد وجمع. وهذا الذي يقوله الرضى مسلم في التركيب من لغتين، لأنه حينئذ أخذ من مفرد وجمع. أما التركيب من قراءتين - أن صح الأخذ به - فلا يبدو بعيدا، لأن قراءتي الجمع والمفرد مرويتان، والقارئ بالتركيت منهما يريد أن يروي ما يؤثر لا التعبير عما يريد التعبير عنه.