وتلك عادة سيبويه إذا أراد تجريد الظرف من معنى الظرفية، فإنه يمثله بالإضافة إليه، وذلك مما ينافي تقدير حرف الجر معه؛ لأن حرف الجر يسقط، فلا يعترض بين المضاف والمضاف إليه.
ولا تستنكر كثرة المضافات المحذوفة هناك، فإن المعنى إذا دل على شيء وقبله القياس أمضى على ذلك ولم يستوحش منه [١٥٣ظ] ألا ترى إلى قول الله "سبحانه" :﴿فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ١﴾؟ ألا تراه أن معناه : من تراب أرض أثروطء حافر فرس الرسول، أي من تراب الأرض الحاملة لأثر وطء فرس الرسول. المعنى على هذا؛ لأنه في تصحيحه من تقريه لاستيفاء٢ معانيه، وإذا دل الدليل كان التعجب من حيلة العاجز الذليل.
وقوله :"وهي عَلَى الظَّالِمِين ساءت الغاشية" - هذا جار مجرى قولهم : زيد بئس الرجل؛ لأن ساء بمعنى بئس، و"الغاشية" هنا جنس، والعائئد منها إلى "هي" ضمير يتجرد ويماز من معنى الجماعة، كقولهم : زيد قام بنو محمد، إذا كان محمد أباهم، فكأنه قال : زيد قام في جملة القوم، كما أن قولك : زيد نعم الرجل العائد عليه في المعنى ذكر يخصه من جماعة الرجال.
٢ في ك : لاستبقاء. وهو تحريف.