قال أبو الفتح : قول أبي حاتم : هذا خطأ - لا وجه له؛ وذلك أنه يجوز على حكاية الحال الماضية المنقضية، أي لولا أن كان يقال فيه : تتداركه، كما تقول : كان زيد سيقوم، أي : كان متوقعا منه القيام، فكذلك هذا : لولا أن يقال : تتداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء. ومثله ما أنشدناه أبو علي، وهو رأيه وتفسيره من قوله :
فإن تقتلونا يوم حرة واقم فلسنا على الإسلام أول من قتل
أي : فإن تكونوا الآن معروفا هذا من خلالكم فيما مضى فلسنا كذا، وعليه قول الله "سبحانه" :﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ١﴾، فأشار "سبحانه" إليهما إشارة الحاضر؛ لأنه لما كان حكاية حال صارت كأنها حاضرة، فقيل : هذا، وهذا. ولولا ذلك لقيل : أحدهما كذا، والآخر كذا. وكذلك قوله تعالى :﴿وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ٢﴾، أعمل اسم الفاعل وإن كان لما مضى لما أراد الحال، فكأنها حاضرة. واسم الفاعل يعمل في الحال، كما يعمل في الاستقبال. وقد مضى هذا في هذا الكتاب، وفي غيره من كتبنا مشروحا ملخصا.
٢ سورة الكهف : ١٨.