وهذا لو كان لا بد أن يكون إيابا، فعالا، مصدر أوبت التي مطاوعها تأوب، أي : تفعل، كما قال :
تأوبه خيال من سليمي كما يعتاد ذا الدين الغريم١
لكان الذهاب إليه فاسدا؛ لأنه كان يجب فيه التصحيح لاحتماء العين بالإدغام، كقولهم : اجلوذ٢ اجلواذا. فأما اجليوذا وديوان٣ فشاذان. وعلى أنه يجوز أن يكون فعالا، إوابا، إلا أنه قلب الواو ياء - وإن كانت متحصنة٤ بالإدغام - استحسانا للاستخفاف، لا وجوبا ألا تراهم قالوا : ما أحيله من الحيلة؟ وهو من الواو لقولهم : يتحاولان، وقالوا في دومت٥ السماء : ديمت. قال :
هو الجواد ابن الجواد بن سبل إن ديموا جاد وإن جادوا وبل٦
يريد : دوموا؛ لأنه من دام يدوم، لكن من روى هذا مما هو أشد قياسا منه٧، وذلك أن يكون بني من آب فيعلت، وأصله أيوبت، فقلبت الواو ياء؛ لوقوع الياء ساكنة قبلها، فصارت أيبت، ثم جاء المصدر على هذا إيابا، فوزنه فيعال إيواب - فقلب بالواجب. وإن شئت أيضا جعلت أوبت فوعلت بمنزلة حوقلت، وجاء المصدر على الفيعال، كالحيقال. أنشد الأصمعي :
يا قوم قد حوقلت أو دنوت وبعد حيقال الرجال الموت٨
٢ اجلوذ : مضى وأسرع.
٣ نصب "اجليوذا"، وخفض "ديوان" حكاية لحركة كل في موضعه الذي جيء به منه.
٤ في ك : مختصة، وهو تحريف.
٥ دومت السماء : دام مطرها.
٦ يقال : أنه في وصف فرس. وسبل فرس نجيبة، ويقال : إن سبلا والد الراجز جهم ابن سبل، وأن الرواية :
أنا الجواد ابن الجواد ابن سبل
وانظر الخصائص ١ : ٣٥٥، واللسان، والتاج "سبل". وفي ك : دوموا، وهي رواية أخرى.
٧ خبر "من" "فقلب بالواجب" الآتي.
٨ حوقل : الشيخ : اعتمد بيديه على خصريه. ورواية الأصل "بعض" مكان "بعد"، وما أثبتناه أظهر. وانظر اللسان "حقل".