وأما قول الرجل لصاحبه : خذ طرفك ولآخذ طرفي، وقولهم : لنمش كلنا، ولنقم إلى فلان، ونحو ذلك فإنما جاء باللام لأنه لم يكدر أمر الإنسان نفسه، فلما قل استعماله لم يخفف بحذف اللام كما أمر المأمور الحاضر، فخفف نحو قم، سر، وبع، وخف، ونم.
وأما :﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ ففسره أحمد بن يحيى، أي : لتكون حركتك وتصرفك على عين مني، قال : ومعنى ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾، بضم التاء : لتربَّ١ وتغذى بمرأى مني.
ومن ذلك قراءة ابن محيص :"أَنْ يُفْرَطَ"٢ بفتح الراء :
قال أبو الفتح : هذا منقول من قراءة من قرأ :"أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا"، أي : يسبق ويسرع، فكأنه أن يفرطه مفرِط، أي : يحمله حامل على السرعة علينا وترك التأني بنا، فكأنه قال : أن يُحمل على العجلة في بابنا [٩٩ظ].
ومن ذلك قراءة الحسن :"مَكَانًا سُوَى"، غير منون.
قال أبو الفتح : ترك صرف "سوى" ههنا مشكل، وذلك أنه وصف على فُعَل، وذلك مصروف عندهم : كمالٍ لُبَد٤، ورجلٍ حُطَم٥، ودليلٍ خُثَع٦، وسُكَع٧، إلا أنه ينبغي أن يحمل عليه أنه محمول على الوقف عليه، فجاء بترك التنوين. فإن وصل على ذلك فعلى نحو من قولهم : سبسبا وكلكلا٨، فجرى في الوصل مجراه في الوقف.
٢ سورة طه : ٤٥.
٣ سورة طه : ٥٨.
٤ مال لبد : كثير، كأنه التبد بعضه على بعض.
٥ الحطم : الظلوم، من قولهم : راعٍ حُطَم، أي : ظلوم للماشية، كأنه يحطمها لعنقه في السوق.
٦ دليل ختع : حاذق في الدلالة.
٧ السكع : المحير.
٨ انظر الصفحتين : ١٤٨، ١٤٩ من الجزء الأول.