ومن ذلك قراءة أبي عياض "لِتَرْكَبُوهَا زِينَةً١"؛ بل واو.
قال أبو الفتح : لك في نصب "زِينَةً" وجهان : إن شئت كان معلقا بما قبله، أي : خلقها زينة لتركبوها، وإن شئت كان على قولك : لتركبوها زينة، فزينة هنا حال من "ها" في "لتركبوها"، ومعناه : كقوله تعالى ﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ﴾.
ومن ذلك قراءة [٩٠و] الحسن :"وَبِالنُّجُمِ هُمْ يَهْتَدُون٢"، وقرأ يحيى :"وبالنُّجْم" بضم النون ساكنة الجيم.
قال أبو الفتح : النُّجُم جمع نَجْم، ومثله مما كسر من فَعْل على فُعُل : سَقْف وسُقُف، ورَهْن ورُهُن، ونحوه ثَطٌّ٣ وثُطٌّ. وقال أبو حاتم : سمعت أبا زيد يقول : رجل أَثَطُّ، فقلت له : أتقولها؟ فقال : سعتها - وكَثُّ اللحية وكُثُّ، وفرس وَرْد٤ وخيل وُرْد، وسهم حَشْر٥ وسهام حُشْر.
وإن شئت قلت : أراد النجوم، فقصر الكلمة فحذف واوها، فقال : النُجُم. ومثله من المقصور من فُعُول قول أبي بكر في أُسد : إنه مقصور من أُسُود فصار أُسُد، ثم أسكن فقال٦ : أُسْد٧. ومثله قوله أيضا في ثِيرَةٍ جمع ثَوْر : إنه مقصور من ثِيَارَة؛ فلذلك وجب عنده قلب الواو من ثور ياء، ولو كان مُكُسّرًا على فِعَلَة لوجب تصحيحه فقيل : ثِوَرَة، كزَوْج وزِوَجَة وعَوْد وعِوَدَة.
وقال الراجز :
إن الفقير بيننا قاضٍ حَكَم أن ترد الماء إذا غابَ النُّجُم٧
يريد النجوم. وقال الأخطل :
كلمعِ أيْدِي مثاكِيل مسلَّبَةٍ يندُبْنَ ضرسَ بناتِ الدهْرِ والخُطُب٧
يريد الخطوب. وقد ذكرنا نحو هذا فيما مضى.

١ سورة النحل : ٨
٢ سورة النحل : ١٦
٣ من معاني الثط : الثقيل البطن.
٤ فرس ورد : أحمر إلى صفرة.
٥ سهم حشر : دقيق النصل، وأصل الحشر الدقيق من الأسنة.
٦ في ك : فقيل.
٧ انظر الصفحة ١٩٩ من الجزء الأول.


الصفحة التالية
Icon