ومن ذلك قراءة ابن أبي إسحاق، ورويت عن أبي عمرو :"وَالْمُقِيمِي الصَّلاةَ"١، بالنصب.
قال أبو الفتح : أراد "المقيمين"، فحذف النون تخفيفا، لا لِتُعَاقِبَها الإضافة، وشبه ذلك باللذين والذين في قوله :
فإنَّ الذِي حانَتْ بفلجٍ دماؤهُم هُمُ القومُ كلُّ القومِ يا أمَّ خالدِ٢
حذف النون من الذين تخفيفا لطول الاسم، فأما الإضافة فساقطة هنا، وعليه قول الأخطل :
أبَنِي كُلَيبٍ إنَّ عَمِّيَّ اللَّذا قَتَلا الملوكَ وفَكَّكَا الأغلالا٣
حذف نون "اللذان" لما ذكرنا، لكنّ الغريبَ من ذلك ما حكاه أبو زيد عن أبي السمال أو غيره أنه قرأ :"غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهَ"٣، بالنصب. فهذا يكاد يكون لحنا؛ لأنه ليست مع لام التعريف المشابهة للذي ونحوه، غير أنه شبه "معجزي" بالمعجزي، وسوغ له ذلك علمه بأن "معجزي" هذه لا تتعرف بإضافتها إلى اسم الله "تعالى"، كما لا يتعرف بها ما فيه الألف واللام، وهو "الْمُقِيمِي الصَّلاةَ" فكما جاز النصب في "الْمُقِيمِي الصَّلاةَ" كذلك شبه به "غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهَ". ونحو "الْمُقِيمِي الصَّلاةَ"
بيت الكتاب :
الحافِظُو عَوْرَةَ العشِيرَةَ لَا يأْتِيهِمُ مِنْ وَرَائِهِمْ نَطَفُ٤
بنصب "العورةَ" على ما ذكرتُ لك. وقال آخر :
قَتَلْنَا ناجيًا بقتِيلِ عَمْرِو وَخَيْرُ الطَّالِبي التِّرَةَ الغَشُومُ٥
ومثل قراءة من قرأ :" غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهَ"، بالنصب قول سويد :
ومَسَامِيحُ بِِمَا ضَنَّ بِهِ حَابِسُو الأنْفُسَ عنْ سُوءِ الطَّمَعْ٦
٢ انظر المحتسب : ١ : ١٨٥.
٣ سورة التوبة : ٣.
٤ لقيس بن الخطيم، أو عمرو بن امرئ القيس الخزرجي، جاهلي.. وروي من ورائنا مكان ورائهم. ووكف مكان نطف. والعورة : كل مخوف، وعورة الرجل في الحرب : ظهره. والنطف : العيب، ومثله الوكف. وانظر الكتاب : ١ : ٩٥، والخزانة : ٢ : ١٨٨ والدرر واللوامع : ١ : ٢٣.
٥ رواه اللسان "غشم"، ولم ينسبه. وفيه "جر" مكان خير، وهو تحريف.
٦ مساميح : معطوف عن "بسط الأيدي : في بيت سابق. ويروى "حاسرو" مكان "حابسو"، وحاسروا الأنفس : كاشفوها، مبعدوها. المفضليات : ١٩٤، وفي ك : مسابيح، وهو تحريف.