إخوتك فيحسن لانصرافه عن اللفظ إلى المعنى، وإذا قلت : من قاموا وقعد إخوتك، ضعف لأنك قد انتحيت بالجمع على المعنى وانصرفت عن اللفظ؟ فمعاودة اللفظ بعد الانصراف عنه تراجع وانتكاث، فاعرفه وابن عليه فإنه كثير جدا.
ومن ذلك قراءة الزهري والحسن والأعرج :"تُنْبَتُ"١، برفع التاء، ونصب الباء.
وفي قراءة عبد الله :"تَخْرُجُ بِالدُّهْنِ".
قال أبو الفتح : الباء هنا في معنى الحال، أي : تنبت وفيها دهنها، فهو كقولك : خرج بثيابه. أي وثيابه عليه، وسار الأمير في غلمانه، أي وغلمانه معه، وكأنه قال : خرج لابسا ثيابه، وسار مستصحبا غلمانه، وكذلك قول الهذلي [١٠٧ظ].
يَعْثُرْنَ في حَدِّ الظِّباتِ كأنَّما كُسِيَتْ بُرُودَ بني تَزِيدَ الأذرُعُ٢
أي : يعثرن كابيات٣ في حد الظبات، أو مجروحات في حد الظبات. ومثله ما أنشده الأصمعي من قوله :
وَمُسْتَنَّةٍ كاستِنانِ الخَرُو ف قد قَطَعَ الحبْلَ بالمِرْوَدِ٤
أي : قطع الحبل ومرودُه فيه، أي : متصلا به مِرْوَدُه، فكذلك قوله :"تُنْبَتُ بِالدُّهْنِ"،

١ سورة المؤمنون : ٢٠.
٢ البيت لأبي ذؤيب. ويروى "علق النجيع" مكان "حد الظبات"، و"أبي يزيد" مكان "بني تزيد". والعلق : قطع الدم، جمع علقة. والنجيع : الدم الطري. والظبات : جمع ظبة، وهي طرف النصل. وتزيد : هو تزيد بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، تنسب إليهم البرود التزيدية. وأبو يزيد : تاجر كان يبيع العصب بمكة. وضمير يعثرن لحمر الوحش. وشبه طرائق الدم على أذرعهن بطرائق تلك البرود، لأنها برود تضرب إلى الحمرة. ديوان الهذليين : ١ : ١، واللسان "نبت".
٣ كابيات : وصف من كبا، أي : انكب وجهه.
٤ لرجل من بني الحارث، وبعده :
دفوع الأصابع ضرح الشمو س نجلاء مؤيسة العود
ومستنة : وصف من استن : إذا انطلق، ويريد بها طعنة فار منها الدم وسال. والخروف : والد الفرس إذا بلغ ستة أشهر أو سبعة. والمرود : الوتد. والضرح : الدفع. والشموس من الخيل : الذي يمنع ظهره، ولا يكاد يستقر. ويريد أن هذه الطعنة قد فار منها الدم وسال على المطعون كما يمر المهر الشموس أفلت من الوتد. وإذا وضعت الأصابع على الدم الفائر منها دفعها كما يدفع الشموس برجله، حتى لقد يئس العود من صلاحها. اللسان :"خرف، نبت".


الصفحة التالية
Icon