صلى الله عليه وسلم أن أتعلم كلمات من كتاب يهود وقال إني والله ما آمن يهود على كتابي، قال فما مربي نصف شهر حتى تعلمته له، قال فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم"، هذا حديث حسن صحيح.
قال العالم الرباني أستاذي عبد الرحمن بن عبد الرحيم المبار كفوري الهندي رحمه الله رحمة واسعة في شرح هذا الحديث من كتابه. (تحفة الا حوذي في شرح جامع الترمذي ج ٣ص٣٩٢) ما نصه:"قال القاري: قيل فيه دليل على جواز تعلم ما هو حرام في شرعنا للتوقي والحذر عن الوقوع في الشر كذا، ذكره الطيبي في ذيل كلام مظهري وهو غير ظاهر إذ لا يعرف في الشرع تحريم تعلم من اللغات سريانية أو عبرانية هندية أو تركية أو فارسية وقد قال تعالى٣٠ـ٣٢: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ﴾ أي لغاتكم بل هو من جملة المباحات. اهـ.
وهذا الحديث رواه أيضا أحمد وأبو داود والبخاري في تاريخه وذكره في صحيحه تعليقا، ومعنى الحديث أن النبي ﷺ أمر الصحابي الجليل كاتب الوحي زيد بن ثابت أن يتعلم كتابة اليهود وفي رواية "أمره أن يتعلم السريانية" وعلل ذلك بأنه عليه الصلاة والسلام لا يأمن اليهود أن يقرءوا له كتابا يأتيه منهم لئلا يزيدوا فيه وينقصوا أو يبدلوا ويغيروا، فتعلم زيد ما أمره به النبي ﷺ في نصف شهر. وقد يشكل فهم هذا من وجهين:
الأول: أن المعهود من اليهود أن يتكلموا ويكتبوا بالعبرانية لا بالسريانية.
الثاني: كيف يستطيع متعلم أن يتعلم لغة أجنبية في نصف شهر؟ والجواب عن الأول أن اليهود في زمان النبي ﷺ بل في زمان عيسى بن مريم وقبله بزمن لم يكونوا يتكلمون ويكتبون بالعبرانية لأنها كانت قد انقرضت ولم يبق منها إلا كلمات قليلة تردد في الصلوات، وكان اليهود يكتبون علومهم الدينية والدنيوية ويتخاطبون بالسريانية،


الصفحة التالية
Icon