وقيل: ليست النجاسة هنا نجاسة الأبدان بل هو خبث الطوية وسوء النية، وليس أخبث ولا أسوء من الشرك الذى انطوت عليه صدورهم وظهر على أعمالهم شئ.
قال ابن الجوزى:
وقيل: إنهم كالأنجاس لتركهم ما يجب عليهم من غسل الجنابة، وإن لم تكن أبدانهم أنجاساً، قاله قتادة.
وقيل: إنه لما كان علينا اجتنابهم كما تجتنب الأنجاس، صاروا بحكم الاجتناب كالأنجاس. وهذا قول الأكثرين، وهو الصحيح هكذا قال ابن الجوزى. (١)
ويتأيد هذا الرأى بما ورد من أن النبى - ﷺ - توضأ من مزادة مشرك ولم يغسلها، واستعار من صفوان دروعاً ولم يغسلها، وكانت القصاع تختلف من بيوت أزواج النبى - ﷺ - إلى الأسارى ولا تغسل، وكان أصحاب النبى - ﷺ - يطبخون فى أوانى المشركين ولا تغسل. (٢)
هذا مثال واضح لاختلاف الروايات عن النبى - ﷺ - وعن السلف الذى ينتج عنه اختلاف المفسرين.
كون اختلاف القراءات من
أسباب الخلاف بين المفسرين
تناول ابن جزى- كما علمت - فى مقدمة تفسيره التسهيل لعلوم التنزيل (٣) أسباب الخلاف بين المفسرين، وكان أول سبب ذكره هو اختلاف القراءات. وكذا ذكره الشاطبى فى الموافقات (٤)

(١) زاد المسير - ٣/٣١٦.
(٢) محاسن التأويل للقاسمى - ٨/١٦٣، و أنظر: فتح القدير - ٢/٤٣٤.
(٣) التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزى - ١/١٢.
(٤) الموافقات للشاطبى - ٤/١٢٠.


الصفحة التالية
Icon