الثانى : اختلافهما جميعاً مع جواز اجتماعهما فى شئ واحد مثل (مالك، ملك) (١) قراءتان المراد بهما الله تعالى فهو مالك يوم الدين وملكه، ومنه قراءة (ننشزها، وننشرها ) (٢) لأن المراد فى القراءتين العظام فالله أنشرها بمعنى أحياها، وأنشزها أى رفع بعضها إلى بعض حتى التأمت، فضمن الله المعنيين فى القراءتين.
الثالث : اختلافهما جميعاً مع امتناع جواز اجتماعهما فى شئ واحد، لكن يتفقان من وجه آخر لا يقتضى التضاد.
ومثاله قوله تعالى: ((وظنوا أنهم قد كذبوا )) (٣) حيث قرئ بالتشديد والتخفيف فى لفظ (كذبوا ) هكذا " كُذِّبوا "، و" كذِبوا" فاما وجه التشديد فالمعنى: وتيقن الرسل أن قومهم قد كذّبوهم، وأما وجه التخفيف فالمعنى : وتوهم المرسل إليهم أن الرسل قد كذَبوهم - أى كذبوا عليهم - فيما أخبروهم به، فالظن في الاولى يقين والضمائر الثلاثة للرسل، والظن فى القراءة الثانية شك، والضمائر الثلاثة للمرسل إليهم. ومنه أيضاً قوله تعالى :(( وإن كان مكرهم لَتَزول منه الجبال)) (٤) بفتح اللام الأولى ورفع الأخرى فى كلمة "لتزول" وبكسر الأولى وفتح الثانية فيها أيضاً، فأما وجه القراءة الأولى فعلى كون " إنْ" مخففة من الثقيلة أى وإن مكرهم كامل الشدة تقتلع بسببه الجبال الراسيات من مواضعها، وفى القراءة الثانية " إن " نافية أى: ما كان مكرهم وإن تعاظم وتفاقم ليزول منه أمر محمد - ﷺ - ودين الإسلام.
ففى الأولى تكون الجبال حقيقة، وفى الثانية تكون مجازاً. (٥)

(١) سورة الفاتحة : ٤
(٢) سورة البقرة : ٢٥٩
(٣) سورة يوسف : ١١٠
(٤) سورة إبراهيم : ٤٦
(٥) نقلاً عن مناهل العرفان - ١/٨٥، ٨٦ باختصار وتصرف


الصفحة التالية
Icon