يقول الشاطبى: هذا كله يشمله اللفظ، لأن الله من به عليهم ولذلك جاء فى الحديث "الكمأة من المن الذى أنزل الله على بنى إسرائيل" (١) فيكون المن جملة نعم ثم ذكر الناس منها آحاداً (٢)
ولذلك قال ابن عطية : وقيل "المن" مصدر يعنى به جميع ما منّ الله به مجملاً (٣).
فكل قول من هذه الأقوال هو عبارة عن نوع داخل تحت الإطار العام للفظ وقد ذكر لتعريف المستمع بتناول الآية له وتنبيهه به على نظيره، حيث إن التعريف بالمثال يقد يسهل أكثر من التعريف بالحد المطابق، والعقل السليم يتفطن للنوع كما يتفطن إذا أشير له إلى رغيف فقيل له : هذا هو الخبز، هكذا قال ابن تيمية ثم أدخل فى ذلك أيضاً قول المفسرين : هذه الآية نزلت فى كذا- كما يعبر أحياناً فى أسباب النزول وهى عبارة ليست نصاً فى السببية - أو سبب نزول هذه الآية كذا أو نزلت فى فلان يقول ابن تيمية الذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية مختص بأولئك الأعيان دون غيرهم، فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق. (٤)
وهذا الذى قاله ابن تيمية من كون سبب النزول لا يخصص حكم الآية بمن نزلت فيه هو الذى درج عليه جمهور العلماء حيث قرروا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
والحاصل أن قول المفسرين أو أصحاب كتب أسباب النزول:

(١) نص الحديث عند البخارى فى كتاب التفسير((الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين)) والرواية التى ذكرها الشاطبى أشار إليها ابن حجر فى الفتح ٤/١٤ مبيناً أنها هى التى أظهرت دخول الحديث فى تفسير آية المن والسلوى وقد قيل فى وجه كون الكمأة مناً: إنها شجرة تنبت من نفسها من استنبات ولا مؤنة.
(٢) الموافقات ٤/١٢١
(٣) المحرر الوجيز ١/١٤٨
(٤) مقدمة فى أصول التفسيرصـ٥٩


الصفحة التالية
Icon