فبالاضافة إلى أن الإعتراض يقع مؤكدا لمفهوم الكلام الذي وقع فيه، ومقررا له في نفوس السامعين، فإنه يأتي لأغراض بلاغية، . منها :
أنه يأتي لتعظيم المقسم به، وتفخيمه، وذلك كما في قوله تعالى :( فلا أقسم بمواقع النجوم. وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. إنه لقرآن كريم. ) ٦٥
ففي هذا الكلام اعتراضان : أحدهما قوله :( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم )، لأنه اعتراض بين القسم الذي هو :( فلا أقسم بمواقع النجوم )، وبين جوابه :( إنه لقرآن كريم ).
والثاني : قوله :( لو تعلمون )، وهو اعتراض بين الموصوف الذي هو :( قسم )، وبين صفته، الذي هو :( عظيم )
وفائدة الاعتراض : هو تعظيم شأن المقسم به في نفس القارئ، أو السامع، أي : أنه من عظم الشأن وفخامة الأمر، بحيث لو علم ذلك لوفى حقه من التعظيم. ٦٦
فالإعتراض ليس وسيلة للتحسين فحسب، وليس حشوا يمكن الإستغناء عنه، بل إنه إذا وقع موقعه المناسب، كان من مقتضيات النظم، ومن مقتضيات المقام، ولو أسقط من السياق سقط معه جزء أصيل من المعنى، فهو يحمل بجانب كونه جزءا من المعنى الأصلي، معاني فرعية أخرى، تلتحم جميعا في تكوين معنى كلي..
القسم الثاني :- وهو ما لا يظهر الإرتباط فيه بين الآيتين :
لقد جرت عادة القرآن إذا ذكر أحكاما، أن يذكر بعدها وعدا أووعيدا، ليكون باعثا على العمل، ثم يذكر آيات توحيد، وتنزيه، ليعلم عظم الآمر والناهي. فتبدو - في الظاهر - كل آية مستقلة عن الأخرى، وأنها خلاف النوع المبدوء به.
وينقسم هذا القسم إلى قسمين :-
أ – أن تكون الآية الثانية معطوفة على ما قبلها بحرف من حروف العطف، فتشاركها في الحكم، ولا بد أن تكون بينهما جهة جامعة، إذ لا بد منها عند العطف، كقوله تعالى :( والله يقبض ويبصط ) ٦٧ فالجهة الجامعة هي :
التضاد. وأمثلة هذا القسم تظهر في : الطباق٦٨، والمقابلة ٦٩.