كأن يصل إلى غرضه أثناء الحديث عن شيء، إلى شيء آخر، كالحديث عن موسى - عليه السلام - في سورة الأعراف في أكثر من أربعين آية، ثم يصل إلى الحديث عن محمد - ﷺ -، وبعد ذلك يعود لإتمام الحديث عن موسى - عليه السلام -، قال تعالى :( ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون. الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل.. الآيات ) ٨٥ وبعد ذلك يعود فيقول :( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) ٨٦
المبحث الثالث :: - أنواع المناسبات :
إن التآلف والترابط والتناسب كما هو حاصل بين آيات القرآن الكريم في السورة الواحدة، حاصل بين سور القرآن، فأنت لا تقرأ سورة من سور القرآن بإمعان، إلا وتجد بينها وبين سابقتها مناسبة ورابطة، تظهر سر الإعجاز في ترتيب سوره.
وهو على ثلاثة أقسام :-
القسم الأول : مناسبة فواتح السور لخواتمها :- من ذلك ما في سورة القصص، فقد بدأت بقصة موسى عليه السلام، والوعد برده إلىأمه، ودعائه ألا يكون ظهيرا للمجرمين. ثم ختم الله السورة بتسلية رسولنا – ﷺ - بخروجهمن مكة، ووعده بالرجوع إليها، ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ) ٨٧ وقد عاد إليها فاتحا منتصرا، وقيل له :( فلا تكونن ظهيرا للكافرين ) ٨٨.
وسورة ( المؤمنون ) افتتحت بقوله تعالى :(قد أفلح المؤمنون ) ٨٩، وورد قبل آخرها بآية :( إنه لا يفلح الكافرون ) ٩٠.
وسورة ( صّ ) بدأها بالذكر في قوله تعالى :( صّ والقرآن ذي الذكر ) ٩١. وقال قبل آخرها بآية :( إن هو إلا ذكر للعالمين ) ٩٢
وفي سورة ( القلم ) نفى في أولها ما رمي به – ﷺ - من الجنون، فقال :( ما أنت بنعمة ربك بمجنون ) ٩٣. وفي آخرها حكى قول المشركين، فقال :
( ويقولون إنه لمجنون ) ٩٤. فسبحان من نفى عن رسوله التهمة قبل حكايتها.