"""""" صفحة رقم ٣٠ """"""
فإذن ذكر الله تعالى الجنة ومساكن طيبة فيها، وكان ينبغي أن يذكر من الملابس ما هو أرفعها، وأرفع الملابس في الدنيا الحرير، وأما الذهب فليس مما ينسج منه ثوب. ثم إن الثوب الذي من غير الحرير لا يعتبر فيه الوزن والثقل. وربما يكون الصفيق الخفيف أرفع من الثقيل الوزن.
وأما الحرير فكلما كان ثوبه أثقل كان أرفع فحينئذ وجب على الفصيح أن يذكر الأثقل الأثخن ولا يتركه في الوعد لئلا يقصر في الحث والدعاء. ثم إن هذا الواجب الذكر، إما أن يذكر بلفظ واحد موضوع له صريح أو لا يذكر بمثل هذا. ولا شك أن الذكر بلفظ الواحد الصريح أولى لأنه أوجز وأظهر في الإفادة، وذلك استبرق فإن أراد الفصيح أن يترك هذا اللفظ ويأتي بلفظ آخر لم يمكنه، لأن ما يقوم مقامه إما لفظ واحد أو ألفاظه متعددة، ولا يجد العربي لفظاً واحداً يدل عليه لأن الثياب من الحرير عرفها العرب من الفرس، ولم يكن لهم بها عهد ولا وضع في اللغة العربيد للديباج الثخين اسم. وإنما عربوا ماسمعوا من العجم واستغنوا به عن الوضع لقلة وجوده عندهم وندرة تلفظهم به. وأما أن ذكره بلفظين فأكثر فإنه يكون قد أدخل بالبلاغة لأن ذكر لفظين لمعنى يمكن ذكره بلفظ تطويل، فعلم بهذا أن لفظ ( استبرق ) يجب على


الصفحة التالية
Icon