وأقول: إن العلماء في هذا المجال يذكرون الكلمة الواحدة، ثم يذكرون معانيها المتعددة، ويستدلون على كل معنى بالآيات القرآنية، مما يدل على أن الوجوه للمعاني، إذ يشيرون إلى الكلمة، ويقولون.. وفيها سبعة عشر وجهاً.. وفيها أربعة وجوه.. وهكذا نجد أنهم يريدون بهذا الوجه معنى يختلف قرباً وبعداً عن معنى آخر مراداً من آية أخرى.. والله أعلم.
الفرق بين الوجوه والنظائر في القرآن الكريم وبين تفسير المفردات:
إذا أردنا أن نوضح الفرق بين التفسير بالوجوه والنظائر، والتفسير المألوف للمفردات يمكن أن نقول:
أولاً: أن التفسير بالوجوه والنظائر يختص بنوع واحد من المفردات، فيذكر عدد الوجوه التي دلّ عليها اللفظ في جميع ما ذكر من آيات، مستعيناً على ذلك بما يرشده إليه موضعها في الآية، ثم يذكر لكل وجه جميع الآيات أو بعضها مما ورد بها اللفظ ودلّ عليه.
ثانياً: التفسير للمفردات يأتي باللفظ الوارد في القرآن الكريم، فيذكر معناه أو معانيه في اللفظ على طريقة أصحاب المعاجم مستعيناً باللغة أو ما فسره المفسرون دون أن يذكر لفظ ((الوجوه)).
إذاً فالتفسير بالوجوه والنظائر نوع من علوم القرآن الكريم، إذْ يبحث في ألفاظ القرآن، ويوضح ما ورد في أكثر من آية، وكانت دلالته على معناه في واحدة منها غير معناه في الآيات الأخرى التي ورد فيها – أي أن التفسير الذي يختص به هذا النوع يقوم بالنظر في معنى كل لفظ ورد متكرراً في آيات القرآن، وكانت دلالته في آية أو بعض الآيات التي ورد فيها مبايناً لدلالته على معناه في الآية أو الآيات الأخرى، ثم يقوم بحصر تلك المعاني المتعددة، ويجعلها وجوهاً للفظ الواحد.
ولتوضيح ذلك نذكر مثالاً لكل منهما:
لقد ورد في القرآن الكريم مادة لبس في آيات متعددة منها قوله تعالى: "وَلاَ تَلْبِسُواْ الحَقَّ بِالبَاطِل"[٢٩] وقوله: "لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الحَقَّ"[٣٠].