ولقد كان اليتيم يعاني من الضياع والتشرد والاستغلال في المجتمع الجاهلي، حتى جاء دين الإسلام فأنقذه من هذا الضياع ورتب له حقوقاً يتعين صيانتها، ومن حقوقه حفظ أمواله وتنميتها، وعدم قربانها إلا بما يصلحها، فعلى من يتولى اليتيم ألا يقرب ماله إلا بالطريقة التي هي أحسن لليتيم ؛ حتى يسلمه له كاملاً نامياً، وقوله تعالى: "حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ"[٤٨] ليس غاية للنهي، إذ ليس المعنى إذا بلغ اليتيم سن الرشد فاقربوا ماله، إنما المعنى أنهاكم – أيها الأولياء والأوصياء – عن الاقتراب من مال اليتيم إلا بالطريقة التي هي أنفع له، وعليكم أن تستمروا على ذلك حتى يبلغ اليتيم رشده، فإذ بلغ رشده فسلموا إليه ماله ليتصرف فيه التصرف السليم.
فالنهي في الآية ليس عن أكل مال اليتيم، بل عن مجرد القرب منه، وفي ظل قاعدة التكافل الوارفة الظلال، عني الإسلام باليتيم وأمواله ؛ فدعانا إلى حسن استثمار أموال اليتيم للإنفاق من عائدها عليه، قال تعالى: "وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا"[٤٩]، وقال ؟: "من ولي يتيماً له مال فليتجر فيه، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة"[٥٠].


الصفحة التالية
Icon