وهذا طرف يبين عظم العهد وضرورة التنفيذ، ولا أدل على ذلك من ختام الآية بقوله تعالى: "ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"، فهذا التعقيب الإلهي البديع في موضعه، حيث جاء بعد التكاليف الواردة في الآيتين: "لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"، والذكر ضد الغفلة، والقلب الذاكر غير الغافل، وهو يذكر عهد الله كله، ويذكر وصاياه المرتبطة بهذا العهد ولا ينساها.
وهذه القواعد الأساسية الواضحة التي تلخص العقيدة وشريعتها الاجتماعية مبدوءة بتوحيد الله ومختومة بالالتزام بصراط الله.
الوصية العاشرة: "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".
وهذه الوصية تمثل خلاصة الدين كله ؛ لأن من التزم بصراط الله فقد اهتدى إلى سواء السبيل، وسلك طريق الذين أنعم الله عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين.
والالتزام بسبيل الله يعصم من الزلل، ويحمي من السوء، ولأن الصراط هو دين الله وطريقه الذي لا عوج فيه ولا أمتا.
فمن الواجب على كل مسلم أن يسلك هذا السبيل، ويهتدي بهذا الصراط، ويترك السبل الباطلة، والطرق المعوجة، والمبادئ الفاسدة، والأديان المنسوخة.
أخرج الإمام أحمد عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: خط لنا رسول الله r خطاً، ثم قال: "هذا سبيل الله"، ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله، ثم قال: "هذه سبلٌ على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه"[٦٢] ثم قرأ ؟هذه الآية الكريمة.


الصفحة التالية
Icon