اشتدت كلمة علماء الأندلس في النكير على: التمايل، والاهتزاز، والتحرك، عند قراءة القرآن، وأنها بدعة يهود، تسربت إلى المشارقة المصريين، ولم يكن شيء من ذلك مأثوراً عن صالح سلف هذه الأمة. وقد ألف ناصر السنة ابن أبي زيد القيرواني م سنة ٣٨٦هـ رحمه الله تعالى ((كتاب من تأخذه عند قراءة القرآن حركة))(١) ولا ندري من خبر هذا الكتاب شيئاً. قال أبو حيان النحوي محمد بن يوسف الأندلسي م سنة ٧٤٥هـ رحمه الله تعالى في تفسيره ((البحر المحيط)) عند قول الله تعالى: ؟ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ... ؟ [الأعراف: ١٧١]، (قال الزمخشري في ((الكشاف)) ٢ / ١٠٢: ((لما نشر موسى عليه السلام، الألواح وفيها كتاب الله تعالى، لم يبق شجر، ولا جبل، ولا حجر إلا اهتز فلذلك لا ترى يهودياً يقرأ التوراة إلا اهتز وأنغض لها رأسه)) انتهى. من الكشاف. وقد سرت هذه النزعة إلى أولاد المسلمين، فيما رأيت بديار مصر، تراهم في المكتب إذا قرؤوا القرآن يهتزون ويحركون رؤوسهم، وأما في بلادنا، بالأندلس والغرب، فلو تحرك صغير عند قراءة القرآن، أدبه مؤدب المكتب وقال له: لا تتحرك فتشبه اليهود في الدراسة))(٢) انتهى. وقال الراعي الأندلسي م سنة ٨٥٣هـ رحمه الله تعالى في ((انتصار الفقير السالك)) ص / ٢٥٠: (وكذلك وافق أهل مصر اليهود، في الاهتزاز عند الدرس والاشتغال، وهو من أفعال يهود). انتهى. وهذا أعم فليُجْتنب.
المبحث الرابع
في قراءة صلاة الجمعة
رتب النبي - ﷺ - في قراءة صلاة الجمعة ثلاث سنن قراءة سورتي الجمعة والمنافقون، أو سورتي الجمعة والغاشية، أو سبح والغاشية.
وقد فشى في عصرنا العدول من بعضهم عن هذا المشروع إلى ما يراه الإِمام من آيات، أو سور القرآن الكريم، متناسباً مع موضوع الخطبة.
(٢) البحر المحيط ٤ / ٤٢.