وَقَدْ وَقَعَ فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء مِنْ طَرِيق مُجَاهِد فِي آخِره " فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : نَبِيّكُمْ مِمَّنْ أُمِرَ أَنْ يَقْتَدِي بِهِمْ " فَاسْتُنْبِطَ وَجْه سُجُود النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا مِنْ الْآيَة، وَسَبَب ذَلِكَ كَوْن السَّجْدَة الَّتِي فِي ( ص ) إِنَّمَا وَرَدَتْ بِلَفْظِ الرُّكُوع فَلَوْلَا التَّوْقِيف مَا ظَهَرَ أَنَّ فِيهَا سَجْدَة. وَفِي النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس مَرْفُوعًا " سَجَدَهَا دَاوُدُ تَوْبَة، وَنَحْنُ نَسْجُدهَا شُكْرًا " فَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيّ بِقَوْلِهِ " شُكْرًا " عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْجُد فِيهَا فِي الصَّلَاة لِأَنَّ سُجُود الشَّاكِر لَا يُشْرَع دَاخِل الصَّلَاة. وَلِأَبِي دَاوُدَ وَابْن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِم مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَر ( ص )، فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَة نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاس مَعَهُ، ثُمَّ قَرَأَهَا فِي يَوْم آخَر فَتَهَيَّأَ النَّاس لِلسُّجُودِ فَقَالَ :" إِنَّمَا هِيَ تَوْبَة نَبِيّ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُكُمْ تَهَيَّأْتُمْ فَنَزَلَ وَسَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ " فَهَذَا السِّيَاق يُشْعِر بِأَنَّ السُّجُود فِيهَا لَمْ يُؤَكَّد كَمَا أُكِّدَ فِي غَيْرهَا، وَاسْتَدَلَّ بَعْض الْحَنَفِيَّة مِنْ مَشْرُوعِيَّة السُّجُود عِنْد قَوْله :( وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ) (صـ : ٢٤ ) بِأَنَّ الرُّكُوع عِنْدهَا يَنُوب عَنْ السُّجُود، فَإِنْ شَاءَ الْمُصَلِّي رَكَعَ بِهَا وَإِنْ شَاءَ سَجَدَ، ثُمَّ طَرَدَهُ فِي جَمِيع سَجَدَات التِّلَاوَة، وَبِهِ قَالَ اِبْن مَسْعُود.