- قلت : في ذكره ـ سبحانه ـ لفظ الخرور دون غيره، حكمة. فإنهم لو خروا وكانوا صما وعمياناً، لم يكن ذلك ممدوحا، بل معيبا. فكيف إذا كانوا صما وعميانا بلا خرور ؟ فلابد من شيئين : من الخرور، والسجود. ولابد من السمع والبصر لما في آياته من النور والهدي والبيان، وكذلك لما شرعت الصلاة شرع فيها القراءة، في القيام، ثم الركوع، والسجود... فأول ما أنزل الله من القرآن :( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) ( العلق : ١ )، فافتتحها بالأمر بالقراءة، وختمها بالأمر بالسجود، فقال :( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ) ( العلق : ١٩ )، فقوله تعالى :( إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ) ( السجدة : ١٥ )، يدل على أن التذكير بها كقراءتها في الصلاة موجب للسجود والتسبيح، وأنه من لم يكن إذا ذكر بها يخر ساجداً، ويسبح بحمد ربه، فليس بمؤمن، وهذا متناول الآيات التي ليس فيها سجود، وهي جمهور آيات القرآن، ففي القرآن أكثر من ستة آلاف آية، وأما آيات السجدة، فبضع عشرة آية... وقوله :( ذُكِّرُوا بِهَا )، يتناول جميع الآيات، فالتذكير بها جميعها موجب للتسبيح والسجود، وهذا مما يستدل به على وجوب التسبيح والسجود. وعلى هذا، تدل عامة أدلة الشريعة من الكتاب والسنة ـ تدل على وجوب جنس التسبيح ـ فمن لم يسبح في السجود، فقد عصي الله ورسوله، وإذا أتي بنوع من أنواع التسبيح المشروع أجزأه.... وللفقهاء في هذه المسألة ثلاثة أقوال. قيل : لا يجب ذكر بحال، وقيل : يجب ويتعين قوله : سبحان ربي الأعلى، لا يجزئ غيره. وقيل :



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
يجب جنس التسبيح، وإن كان هذا النوع أفضل من غيره؛ لأنه أمر به أن يجعل في السجود. وقد ثبت عن النبي ﷺ في الصحيح أنواع أخر.