وقال القرطبي : قوله تعالى: ( إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون ) فيه ثمان مسائل = الأولى: قوله تعالى: (إن الذين عند ربك) يعني الملائكة بإجماع... وقال: " عند ربك " والله تعالى بكل مكان لأنهم قريبون من رحمته، وكل قريب من رحمة الله عز وجل فهو عنده، عن الزجاج... وقال غيره لأنهم في موضع لا ينفذ فيه إلا حكم الله... وقيل: لأنهم رسل الله، كما يقال: عند الخليفة جيش كثير... وقيل: هذا على جهة التشريف لهم، وأنهم بالمكان المكرم، فهو عبارة عن قربهم في الكرامة لا في المسافة..." ويسبحونه " أي ويعظمونه وينزهونه عن كل سوء..." وله يسجدون " قيل: يصلون... وقيل: يذلون، خلاف أهل المعاصي... الثانية: والجمهور من العلماء في أن هذا موضع سجود للقارئ... وقد اختلفوا في عدد سجود القرآن، فأقصى ما قيل: خمس عشرة... أولها خاتمة الأعراف، وآخرها خاتمة العلق... وهو قول ابن حبيب وابن وهب - في رواية - وإسحاق... ومن العلماء من زاد سجدة الحجر... قوله تعالى: " وكن من الساجدين " على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى... فعلى هذا تكون ست عشرة... وقيل: أربع عشرة، قاله ابن وهب في الرواية الأخرى عنه... فأسقط ثانية الحج... وهو قول أصحاب الرأي والصحيح سقوطها، لأن الحديث لم يصح بثبوتها... ورواه ابن ماجة وأبو داود في سننهما عن عبد الله بن منين من بني عبد كلال عن عمرو بن العاص أن رسول الله ﷺ أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصل، وفي الحج سجدتان... وعبد الله بن منين لا يحتج به، قاله أبو محمد عبد الحق... ذكر أبو داود أيضا من حديث عقبة بن عامر قال قلت: يا رسول الله، أفي سورة الحج سجدتان ؟.


الصفحة التالية
Icon