وقال الألوسي : قوله تعالى :( أَوَ لَمْ * يَرَوْاْ إلى مَا خَلَقَ الله مِن شَىْء ) أي ذات وحقيقة مخلوقة أية ذات كانت ( يَتَفَيَّأُ ظلاله ) قيل : أي يتمثل صوره ومظاهره ( عَنِ اليمين ) جهة الخير ( والشمآئل ) (النحل : ٤٨ ) جهات الشرور، ولما كانت جهة اليمين إشارة إلى جهة الخير الذي لا ينسب إلا إليه تعالى وحَّد اليمين، ولما كانت جهة الشمال اشارة إلى جهة الشر الذي لا ينبغي أن ينسب إليه تعالى كما يرشد إليه قوله ﷺ :« والشر ليس إليك » ولكن ينسب إلى غيره سبحانه وكان في الغير تعدد ظاهر جمع الشمال... وقيل في وجه الإفراد والجمع :

إن جميع الموجودات تشترك في نوع من الخير لا تكاد تفىء عنه وهو العشق فقد برهن ابن سينا على سريان قوة العشق في كل واحد من الهويات، ولا تكاد تشترك في شر كذلك فما تفىء عنه من الشر لا يكون إلا متعدداً، فلذا جمع الشمال ؛ ولا كذلك ما تفىء عنه من الخير فلذا أفرد اليمين فليتأمل ( ولله يسجد ) أي ينقاد ( ما في السموات وما في الأرض من دابة ) أي موجود يدب ويتحرك من العدم إلى الوجود ( والملائكة وهم لا يستكبرون ) أي لا يمتنعون عن الانقياد والتذلل لأمره، ( يخافون ربهم من فوقهم ) لأنه القاهر المؤثر فيهم (ويفعلون ما يؤمرون ) طوعاً وانقياداً، والله تعالى الهادي سواء السبيل.


الصفحة التالية
Icon