قال ابن كثير : يقول تعالى: ( إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ) أي: إنما يصدق بها ( الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا ) أي: استمعوا لها وأطاعوها قولا وفعلا ( وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ) أي عن اتباعها والانقياد لها، كما يفعله الجهلة من الكفرة الفجرة... وقد قال الله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) (غافر: ٦٠)
(وقال القرطبي : قوله تعالى: ( إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون ) هذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، أي أنهم لإلفهم الكفر لا يؤمنون بك، إنما يؤمن بك وبالقرآن المتدبرون له والمتعظون به، وهم الذين إذا قرئ عليهم القرآن " خروا سجدا " قال ابن عباس: ركعا... وقال المهدوي: وهذا على مذهب من يرى الركوع عند قراءة السجدة، واستدل بقوله تبارك وتعالى: " وخر راكعا وأناب " ( ص: ٢٤ )... وقيل: المراد به السجود، وعليه أكثر العلماء، أي خروا سجدا لله تعالى على وجوههم تعظيما لآياته وخوفا من سطوته وعذابه...(وسبحوا بحمد ربهم) أي خلطوا التسبيح بالحمد، أي نزهوه وحمدوه، فقالوا في سجودهم: سبحان الله وبحمده، سبحان ربي الاعلى وبحمده، أي تنزيها لله تعالى عن قول المشركين... وقال سفيان: " وسبحوا بحمد ربهم " أي صلوا حمدا لربهم...(وهم لا يستكبرون) عن عبادته، قاله يحيى بن سلام...
وقال النقاش: " لا يستكبرون " كما استكبر أهل مكة عن السجود...
(وقال الألوسي : إشارة إلى حال كاملي الإيمان وعلو شأن السجود والتسبيح والتحميد والتواضع لعظمته عز وجل...


الصفحة التالية
Icon