وقال القرطبي : قوله تعالى " ومن آياته "، أي علاماته الدالة على وحدانيته وقدرته " الليل والنهار والشمس والقمر "... ثم نهى عن السجود لهما، لانهما وان كانا خلقين فليس ذلك لفضيلة لهما في انفسهما فيستحقان بها العبادة مع الله، لان خالقهما هو الله، لو شاء لأعدمهما أو طمس نورهما... " واسجدوا لله الذى خلقهن " وصورهن وسخرهن، فالكناية ترجع إلى الشمس والقمر والليل والنهار... وقيل: للشمس والقمر خاصة، لأن الاثنين جمع... وقيل: الضمير عائد على معنى الآيات... وإنما أنث على جمع التكثير ولم يجر على طريق التغليب للمذكر والمؤنث لأنه فيما لا يعقل... " إن كنتم إياه تعبدون "..." فان استكبروا " يعنى الكفار عن السجود لله " فالذين عند ربك " من الملائكة " يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسامون " أي لا يملون عبادته... قال زهير
سمئت تكاليف الحياة ومن يعش وثمانين حولا لا أبا لك يسام
- مسألة - هذه الآية آية سجدة بلا خلاف، واختلفوا في موضع السجود منها... فقال مالك: موضعه " إن كنتم إياه تعبدون "، لأنه متصل بالأمر... وكان علي وابن مسعود وغيرهم يسجدون عند قوله: " تعبدون "... وقال ابن وهب والشافعي: موضعه " وهم لا يسأمون " لأنه تمام الكلام وغاية العبادة والامتثال... وبه قال أبو حنيفة... وكان ابن عباس يسجد عند قوله: " يسأمون "... وقال ابن عمر: اسجدوا بالآخرة منهما... وكذلك يروى عن مسروق وأبي عبد الرحمن السلمي وإبراهيم النخعي وأبي صالح ويحيى بن وثاب وطلحة وزبيد الياميين والحسن وابن سيرين.
وكان أبو وائل وقتادة وبكر بن عبد الله يسجدون عند قوله: " يسأمون "... قال ابن العربي: والأمر قريب.


الصفحة التالية
Icon