- ذكر تعالى أن ( مِنْ آيَاتِهِ ) الدالة على كمال قدرته، ونفوذ مشيئته، وسعة سلطانه، ورحمته بعباده، وأنه الله وحده لا شريك له... ( اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ) هذا بمنفعة ضيائه، وتصرف العباد فيه، وهذا بمنفعه ظلَمه، وسكون الخلق فيه.( وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) اللذان لا تستقيم معايش العباد، ولا أبدانهم، ولا أبدان حيواناتهم، إلا بهما، وبهما من المصالح ما لا يحصى عدده...( لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ ) فإنهما مدبران مسخران مخلوقان. ( وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الذي خلقهن ) أي: اعبدوه وحده، لأنه الخالق العظيم، ودعوا عبادة ما سواه، من المخلوقات، وإن كبر، جرمه وكثرت مصالحه، فإن ذلك ليس منه، وإنما هو من خالقه، تبارك وتعالى.( إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) فخصوه بالعبادة وإخلاص الدين له...( فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا ) عن عبادة الله تعالى، ولم ينقادوا لها، فإنهم لن يضروا الله شيئًا، والله غني عنهم، وله عباد مكرمون، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، ولهذا قال: ( فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ ) يعني: الملائكة المقربين ( يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ ) أي: لا يملون من عبادته، لقوتهم، وشدة الداعي القوي منهم إلى ذلك...
١٣ *( أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ) ( النجم ٥٩- ٦٢ )
(قال ابن كثير : قوله تعالى :( هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى * أَزِفَتِ الآزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ * أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا )


الصفحة التالية
Icon