وقال" وإذا كان تحزيبه بالحروف إنما هو تقريب لاتحديد، كان ذلك من جنس تجزئته بالسور هو أيضا تقريب، فإن بعض الأسباع قد يكون كثر من بعض في الحروف وفي ذلك من المصلحة العظيمة بقراءة الكلام المتصل بعضه ببعض، والافتتاح بما فتح الله به السورة، والاختتام بما ختم به، وتكميل المقصود من كل سورة ماليس في ذلك التحزيب. وفيه أيضا من زوال المفاسد الذي في ذلك التحزيب ماتقدم التنبيه على بعضها" (٣١/٤١٤).
وبعد هذه الوقفات السريعة أرى أنه لايليق بشاب مسلم طالب للعلم، يحمل بين كاهليه هم الإصلاح والتغيير ودعوة الناس، لايليق به أن لايكون له حزب من كتاب الله قل أو كثر. ومهما ادعى الإنسان المشاغل فهذه الدعوى تحتاج للبينة ولو أعطي الناس بدعواهم لادعى أقوام دماء أناس وأموالهم. وحينما يعتذر الإنسان بالمشاغل فهذا دليل على قلة اهتمامه، ومتى كانت تلاوة كتاب الله وإصلاح النفس وعبادة الله عز وجل، مما لايفعل إلا في وقت الفراغ.
ففي التحزيب تأس بالسلف رضوان الله عليهم، وفيه علاوة على ذلك تحقيق لهديه ﷺ في المداومة على العمل الصالح فقد كان عمله ديمه، وكان يقول إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل. وفيه أن الإنسان يكتب له حزبه إذا شغله عنه مرض أو سفر. وفيه أيضا تعاهد للقرآن كما أمر بذلك صلى الله عليه وسلم، فعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :" تعاهدوا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها" أخرجه البخاري (٣٣٠٥) ومسلم (١٩٧). وعن ابن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت" أخرجه البخاري (١٣٠٥) ومسلم (٩٨٧


Icon