قال تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
بعد أن ساق القرآن الأدلة الأربعة من الجنين والنبات، والمطر، والنار
قدم دليلاً آخر على صدق البعث وهو القسم على أن هذا القرآن كريم وأنه منزل من عند الله. لأن نزول القرآن يلزم عنه صدق البعث.
وآيات القسم في القرآن كثيرة.
وقد أفردتها بالدراسة في الجزء الرابع من كتابى (حتى لا نخطئ فهم القرآن) ولا يفوتنا هنا أن نوجز القول عن آيات القسم التي تتعلق بموضوع السورة الكريمة.
القسم خطاب للفطرة:
وقع القسم على النفس كبير. خصوصا إذا كان هذا القسم قد صدر من عظيم.
والعرب بفطرتهم حتى المشركين منهم كانوا يؤمنون بعظمة الخالق وإن أخطأ بعضهم تصورها، بنسبة الشركاء له سبحانه لذلك تعجب أعرابيٌّ عندما سمع قوله تعالى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)
تعجب الأعرابب وقال: من أغضب رب العرش حتى جعله يقسم؟
فالقسم يؤكد المعنى المقسم عليه في نفوس المخاطبين.
وقد أقسم سبحانه على صدق البعث.
قال تعالى: (وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (١) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (٢) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (٣) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (٤) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (٥) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (٦) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ) (١)
- - - - - - - - - -
(١) قال المرحوم الشيخ رشيد الخطيب الموصلى: (وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا) العرف ضد النكر، وهو قسم بآيات الله الهادية إلى العرف الذي لا نكرة فيه (فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا) الآيات المنذرة للمنكرين (وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا)
الآيات الناشرة للنور والهداية (فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا) القرآن الذي أنزله الله ليفرق بين الحق والباطل (فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا) عذرا أو نذراً آيات الوعد والوعيد والعذر الفوز والنجاح، ومن المفسرين من فسر القسم بالرياح المرسلة ومنهم من فسره بالملآئكة والله أعلم