فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُولِي هَكَذَا وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ.
وهذا الحديث مصداق لقوله تعالى:
(قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ)
وقوله تعالى: (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ)
والنبي عندما يتبرأ من نسبة الغيب إلى نفسه ثم يأتي القرآن ويكشف عن غيب الماضي فيصدقه التاريخ ويكشف عن غيب الحاضر فيصدقه الواقع ويكشف عن غيب المستقبل فتصدقه الليالى والأيام، فإن مغيبات القرآن تثبت أنه من عند الله (١)
- - - - - - - - - -
(١) غيب الماضى. تكلم القرآن الكريم عن غيب الماضي البعيد عندما تكلم عن قصص الأولين.
وقد أَكَّدَ القرآن أن إعلام النبي - ﷺ - بهذا القصص بشأنه أن يثبت للعقلاء أنَّ هذا القرآن منزل من عند الله.
فبعد قصة نوح قال تعالى: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا)
فمن علَّم الأُميَّ؟
وبعد قصة يوسف جاء قوله تعالى: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ)
وبعد قصة موسى قال تعالى: (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ)، (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)
وبعد قصة مريم قال تعالى: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ)
والقرآن عندما يؤكد هذا المعنى في نفس النبي - ﷺ - فإنه يسوق من غيب الماضي دليلا على نزول القرآن من عند الله.
على أن هناك ملاحظة أخرى وهى أن معظم السور التي تضمنت قصصاً قرآنياً نراها تشير في مطلعها إلى هذا القرآن العظيم.
البقرة: فيها عديد من القصص.
مطلعها (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ)
آل عمران: فيها قصة المسيح وأمه، مطلعها: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ)
الأعراف: فيها عديد من القصص مطلعها: (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ)
يونس: فيها عديد من القصص مطلعها: (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ)
هود: فيها عديد من القصص مطلعها: (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)
يوسف: قصة يوسف مطلعها: (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
وهكذا يمكنك أن تتابع سور القرآن الكريم.