قوبل من قومه بعدم اعتراض لأن الأمة الوثنية لم تشغل نفسها بالنبوة ولا بأخبار الأنبياء وقد خلا الشعر الجاهلى - وهو قاموس المعارف العربية القديمة - من ذكر شيء عن هذا الموضوع.
المقدمة الثانية: موضوع البشارات موضوع خفي يحتاج إلى عمق في الفهم وتتبع دارسى.
وخفاؤه ليس على المسلمين وحدهم، ولكن علماء اليهود أيضا فقد بشرة التوراة بيحيى عليه السلام، وأطلقت عليه اسم (إيليا) ومع ذلك جاءهم يحيى فلم يعرفوه (١).
جاء في الباب السابع عشر من إنجيل متى: أن تلاميذ السيد المسيح سألوه عن مجيء إيليا أولا - كما بشر بذلك الكتبة فأجاب يسوع وقال: إن إيليا يأتي أولاً، ويرد كل شيء ولكنى أقول لكم: إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا.
كذلك ابن الإنسان أيضاً سوف يتألم منهم حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان وهو يحيى عليه السلام.
فيحيى بشرت به التوراة ومع ذلك لم يعرف تلاميذ المسيح أنه هو (إيليا) الذي بشرتْ به التوراة فوضح لهم المسيح ذلك.
بل إن غموض البشارة بالنبى يحيى وصل لدرجة أن يحيى لم يعلم أنه هو المراد بكلمة (إيليا) حتى بيَّن المسيحُ أنه هو.
فقد سأل الكهنة الملاويين - من علماء اليهود - سألوا (يحيى) هل أنت المسيح؟ قال لا.
هل أنت إيليا؟ قال لا.
هل أنت النبي، أي النبي الذي بشر به موسى؟ قال لا.
ولكن السيد المسيح أخبر أن يحيى هو إيليا - كما أسلفنا -
- - - - - - - - - -
(١) أخبر السيد المسيح بأن إيليا هو يحيى في الباب الحادى عشر من إنجيل متى قال عيسى وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي.