الإمام الغزالي والكشف الروحي في مطلع الجزء الثالث من كتاب إحياء علوم الدين يرى القارئ دراسة متكاملة عن منهج الغزالي في المعرفة وإيمانه بالإلهام كمصدر أساسي لها عند المتصوفين، ويحاول الإمام الغزالي وضع تفسير لهذه الظاهرة، فيقول إن صفاء القلب وطهارته تجعل صورة من اللوح المحفوظ تنعكس على مرآة القلب فتنكشف للإنسان معارف لا حدود لها، ثم يقول فلكل معلوم حقيقة، وتلك الحقيقة صورة تنطبع في مرآة القلب وتتضح فيها. فيستغنى الصوفي بالمعارف الدينية عن الاشتغال بطلب العلم التلقيني.
الإمام المحقق ابن تيمية:
لم ينكر الإمام ابن تيمية هذا النوع من المعارف الروحية، فقد ذكر في كتابه مجموع الرسائل "فما كان من الخوارق من باب العلم فتارة بأن يسمع العبد ما لا يسمعه غيرة، وتارة بأن يرى ما لا يراه غيره، وتارة بأن يعلم ما لا يعلمه غيره، وحياً أو إلهاما أو إنزال علم ضرورى أو فراسة صادقة، ويسمى ذلك كشفاً ومشاهدات ومكاشفات ومخاطبات".
ثم ذكر أمثلة لذلك:
منها الحادث الشهير الذي دار بين عمر بن الخطاب وسارية.
فقد نادى عمر وهو في بالمدينة يا سارية الجبل، فسمعه ساريه وهو على بعد آلاف الأميال، وكان ذلك سببا في نجاة المسلمين ونصرهم.
وقد تعدى الإيمان بالكشف علماء المسلمين إلى غيرهم، فهو ظاهرة إنسانية شغلت علماء الغرب كما شغلت علماء الإسلام، لأن الروح كالعقل قاسم مشترك بين البشر جميعا.
يقول (الدوس هكسلى) إنه لم يعد لنا مناص من الاعتراف بأن


الصفحة التالية
Icon