ثم ذكر قتادة: أنه يفسح له في قبره أربعون ذراعا.
وفى رواية مسلم سبعون ذراعا، ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون.
وفى رواية الترمذى يفسح له في قبره سبعين ذراعا ثم ينور فيه ثم يقال: نَمْ.
وفى رواية أبى داود: أن الملآئكة تنطلق به إلى بيت كان في النار ولكن الله عصمه رحمة فأبدله بيتاً في الجنة.
ولعل اختلاف الروايات يتناسب مع اختلاف درجات الناس في قبورهم. وواضح أن التصور الوحيد الذي يمكن أن يتسع لهذا النعيم هو التصور الروحي.
ومن حبس نفسه في تصور النعيم المادي يصعب عليه أن يتصور اتساع القبر ماديا، وامتلاء القبر خضرا وكساء للميت من الجنة - كما ورد أن اللذة الروحية تعدل كل لذات الدنيا المادية وتربوا عليها، والجسد قد يشعر بشيء من هذا النعيم حسب قانون البرزخ وهو من المغيبات.
ولا تعارض بين هذا الفهم وبين ما أوجبه الإسلام من إلقاء السلام على المقابر لأن الروح وهى في جنة المأوى تشعر بمن زار قبرها، وألقى عليها السلام. والنبي - ﷺ - كان يزور قبور شهداء أحُد، مع أنه أخبر أن أرواحهم في حواصل طير في السماء، تسبح في الجنة.
هذا ما فهمته من نعيم البرزخ، وهو تقريب للمعنى، كما صرح النبي - ﷺ - بأن العمل الصالح يمثل له في صورة رجل حسن الوجه والثوب والرائحة، أما نعيم الآخرة - فهو نعيم روحانى ومحسوس في نفس الوقت كما سبق أن وضحت ذلك.
عذاب القبر. متى علم النبي - ﷺ - به:
يبدوا من دراسة الأحاديث الصحيحة أن النبي - ﷺ - لم يوح إليه بعذاب القبر إلا في المدينة.