إن اعتبار القبر مرقداً لهم - مع ما فيه من هول، يؤكد فظاعة الجحيم.
(إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ)
بعد أن ناقش القرآن المنكرين للبعث، وأقام لهم الأدلة العقلية والفطرية، أَكَّدَ القرآن بعد ذلك أن مضمون السورة الكريمة هو حق اليقين.
واليقين كما جاء في الرسالة القشيرية صـ ٤٤ - هو العلم الذي لا يدخل صاحبه الريب على الإطلاق.
وقد عرفه علماء التوحيد بأنه: الإدراك الجازم المطابق للواقع الناشئ عن دليل، وهذا ما عناه الشيخ (زكريا الأنصاري) بقوله: هو إدراك الحقيقة على ما هى عليه.
وقد جمع الشيخ / محمد متولى الشعراوى: بين التعريفات القديمة، والحديثة فقال (اليقين هو استقرار العقيدة في بؤرة الشعور بحيث لا تطفو في هامش الشعور، طالباً للدليل مرة ثانية).
ونتتبع آيات القرآن في هذا الموضوع، فنرى أن آيات القرآن الكريم قد استعملت اليقين في معنيين:
المعنى الأول:
هو الموت: قال تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)
وقال تعالى في سبب دخول المشركين النار:
(مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ)
وتسمية الموت باليقين لحتمية وقوعه، فليس في الدنيا عاقل يشك في موته. وإن تناسى الكثير هذه الحقيقة في سلوكهم.