واختار سبحانه الطيور بالذات لشدة نفورها عادة من الإنسان، فحضورها إليه طائعة أبلغ في الدلالة (وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)
هذا المقطع القرآني لم يتكرر في القرآن.
فهو لم يرد في كل القرآن سوى مرة واحدة وذلك عندما جاء رجل مشرك إلى رسول الله - ﷺ - وقدم قطعة عظام إلى النبي - ﷺ - وقال له هل يستطيع ربك أن يحيى هذه بعد موتها؟ مستكثراً على الله أن يعيد الأجسام، بعد اختلاطها بالأرض.
فنزل قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)
فيعلم ما تنقص الأرض منه ويعلم مصير كل جزئية من الكون.
يعلم ذرات من يحرق بالنار ويجمعه.
ويعلم ما يأكله السمك من أجسام الغرقى ويجمعه.
ويعلم مصير كل عنصر تحلل، وأصبح غذاء للنبات. لأن كل ذرة خلق.
وهو بكل خلق عليم.
فالقرآن الكريم قد تتبع كل شبهة أثارها خصوم العقيدة وأجاب عنها. لينفض عن عقيدة البعث أدران المبطلين.
وفى سورة الواقعة سجل القرآن ما يدور في نفوس المعارضين، الذين استكثروا على الله إحياء آبائهم الذين طال عهدهم بالتراب وإحيائهم بعد موتهم. فرد عليهم القرآن بأن إحياء الأولين والآخرين أمام قدرة الله سواء.
قال تعالى: (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ)